- وفي مسألة رؤية الشاهدِ الهلالَ وحدهُ ورُدَّت شهادتهُ هل يجبُ عليه الصيامُ لدخول رمضانَ والفطرُ عند رؤية الهلالِ ولو لم تصم جماعةُ المسلمين.؟
قال -حفظه الله - بعد ذكره لأقوال العلماء: إنَّ الأقوى هو قولُ من ذهبَ إلى التفريقِ بينَ دخُول الشهرِ وخروجهِ بحيثُ يصومُ الرائي الذي رُدَّت شهادتُهُ لأنَّهُ على يقينٍ من دخول الشهر , ولكن في حالةِ خروجِ الشَّهر يصومُ مع النَّاسِ احتياطاً.
واستدلَّ الشيخُ على التفريقِ بأنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال {فطركم يوم تفطرون} فردَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الأمرَ إلى جماعةِ المسلمينَ، ولذلك لا يُفطر وإنما يبقى مع جماعة المسلمين؛ لأن الفطر للجميع بخلاف دخول شهر رمضان.
- وفي مسألة تحقُّقِ أنَّ اليومَ الذي أفطرهُ النَّاسُ ظانِّين أنَّه الثلاثينَ من شعبان فاستبانَ أوَّل يوم من رمضان.
قال حفظه الله: إنَّ الراجحَ هو قولُ من ذهبَ إلى أنَّهم يمسكونَ فورَ العلمِ بدخول الشهرِ , مع وجوب القضاء عليهم خلافاً لما ذهب إليهِ بعضُ العلماء القائلينَ بوجوب الإمساكِ من غيرِ وجوب القضاء , وذلك لأنَّ الله تعالى أوجب الصيامَ كاملَ الشهرِ ومن أفطر بعضَ اليومِ لم يكملِ العدَّةَ ثلاثين يوماً , ولذا يكون معذوراً بسقوطِ الإثمِ في الفطرِ مع إلزامه بالقضاء.
ومن أصبحَ صائماً ولا يدري هل هذا يومُ شكٍّ أو هو من رمضانَ ونوى الاثنينِ معاً فاستبانَ أولَ أيام رمضانَ لزمهُ القضاءُ لتردُّد نيَّتهِ بين فرضٍ ونفلٍ , ونيَّةُ الفرضِ لا بُدَّ أن تتمحَّضَ فهو لم ينو صيام رمضانَ ولا الثلاثينَ من شعبانَ بل ترددت نيتهُ بينهما , ولا يُستثنى في هذه المسألةِ من وجوبِ القضاءِ إلا مَن رأى الهلالَ وحدهُ فصامَ ناوياً رمضانَ وأصبحَ النَّاسُ مفطرين فقامت لهم بينةُ الشهر فأمسكوا أثناء النَّهار.
- والحائضُ والنُّفساءُ والمُسافرُ إذا انقطعَ عُذرُهم أثناءَ النَّهار وجبَ عليهمُ الإمساكُ مع القضاءِ كما يختارهُ الشيخُ مستدلاً بحديثِ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يوم أمر بالإمساكِ بقيةَ عاشوراء , ولأنَّ الفطرَ لهؤلاءِ إنَّما كانَ لعذرٍ فيزولُ بزوالهِ ويرجعونَ إلى الأصلِ وهو الإمساكُ مع قضائهم لما أفطروا منه.
- وفي مسألة المريضِ المُزمنِ والشيخِ الهرمِ إذا أخَّرا إطعامهما إلى آخر الشهرِ هل يأثمانِ مع إجزاء الإطعامِ أو لا يأثمان.؟
قال الشيخُ: إنَّ القول بالإجزاءِ مع إثمهما في تأخير دفع الطعامِ من الوجاهةِ والقُوَّة بمكان.
- وفي مسألة المُسافِر يطرأُ عليه السفرُ أثناء النَّهارِ هل يحل لهُ الفطرُ بالشروعِ في السفر داخل العمران , أم يشترطُ خروجُهُ من العمران , أم يحل لهُ الفطرُ بمجرد نيَّة السفر.؟
قال الشيخ: إنَّ الصحيحَ عدمُ جواز الفطر إلا بعد مفارقة العمران بما نصُّهُ: {فإن نصَّ القرآن الثابتَ في كتابِ الله عز وجل أنَّه وصَفَ الإنسانَ بكونِه {عَلَى سَفَرٍ}، والذي على سفر لا يكونُ مسافراً إلا إذا أسفر، والإنسان لا يقال: إنه على سفر، إلا إذا خرج وأسفر، والإسفارُ يتحقَّقُ بخروجكَ من آخر عمرانِ المدِينةِ؛ فإذا خرجتَ من آخرِ عمرانِ المَدينةِ حَلَّ لك أن تُفطِرَ، وأمَّا إذا كُنتَ داخِلَ المدينة فإنَّهُ لمْ يتحقَّق كونُك مسافراً}.
- وفي مسألة رؤية المُسافرِ لعمران مدينتهِ هل يمنعُ التَّرخُّصَ بالفطر لمن سافرأثناء النَّهار.؟
يرى الشيخ: أنَّ رؤية العمرانِ ولو كانَ يبعدُ متراً واحداً لا تأثيرَ لها على الترخُّصِ , واستدلَّ بأنَّ أبا بصرةَ الغفاري 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كان يرى دجلةَ وهو على مركبهِ ومع ذلك ترخَّص بالسفر فأفطرَ كما جاءَ عنهُ في الصحيح أنَّهُ قُرِّبَ غَدَاهُ فدَعَا بِالسُّفْرَةِ وَلَمْ يُجَاوِزِ الْبُيُوتَ حَتَّى قَالَ لصاحبهِ اقْتَرِبْ , فقال: أَلَسْتَ تَرَى الْبُيُوتَ قَالَ أَبُو بَصْرَةَ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - {أَتَرْغَبُ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَكَل}.
- وفي مسألةِ المُغمَى عليهِ هل يلزمُهُ القضاءُ أم يُلحَقُ بالمجنونِ لزوال القصدِ والإرادةِ فلا يصحُّ صومُهُ ولا يكونُ عليهِ قضاءٌ.؟
يرى الشيخُ: أنَّ شأنَهُ شأنَ المُغمى عليهِ فلا يصحُّ منهُ صومٌ ولا يلزمهُ قضاءٌ , وهذه عندَ الشيخِ قاعدةٌ مطَّردةٌ إذ يميل – حرسه الله وتولاهُ - إلى القول بأنَّ المُغمَى عليهِ في حُكم المجنونِ من حيثُ الأصل إلاَّ إذا دلَّ الدليلُ على الاستثناءِ.
- وفي مسألة صيام التطوعِ واشتراطِ تبييتِ النيَّةِ من الليلِ , يرى الشيخُ جوازَ إنشاء النيَّةِ أثناء النَّهارِ خلافاً لمن يشترطُ تبييتها من العلماءِ , وذلكَ لما ثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {هل عندكم شيء؟} قالت: لا قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {إني إذاً صائم}.
- وفي مسألة تبييتِ النِّيَّةِ ووقتِ إنشائها هل يكونُ بعد مغيبِ الشَّمسِ أم لا بُدَّ من كونِها بعدَ مُنتصفِ الليلِ يرى الشيخُ أنَّ الشخصَ يوصف بكونه بات وبيّت من بعدِ مَغيبِ الشَّمسِ، ولِذلكَ لَو نَوَى بعْدَ مَغيب الشَّمسِ أجزأته النيَّة، ثُمَّ أشارَ الشيخُ – حرسهُ اللهُ وتولاَّهُ – إلى أنَّ فائدةَ هذا الخِلافِ تَظهَرُ فيما لوْ نَوَى صومَ غدٍ في النِّصفِ الأوَّل من ليلتهِ ثُمَّ نامَ قبلَ النِّصفِ الثَّاني واستَيقظَ بعد أذانِ الفَجر، فعَلَى القَولِ الأوَّلِ الذي يَشتَرطُ دخولَ النِّصفِ الثَّاني لا يصحُّ صومُهُ، وعلى القول الثاني يصِحُّ.
- وفي مسألةِ اشتراطِ تبييتِ النِّيَّةِ كُلَّ ليلةٍ من رمَضانَ أو إجزاءِ تبييتها لكُلِّ أيامِ رمضانَ من ليلتهِ الأولى, يرى الشيخُ مذهبَ الجُمهُورِ من أنَّهُ لا بُدَّ لكلِّ ليلةٍ من نيَّةٍ خاصَّةٍ وذلك لعمومِ قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {مَن لمَّ يُبَيِّتِ النِّيةَ باللَّيْلِ فَلاَ صَومَ لهُ}.
¥