وبعض النساء ـ وفقهن الله ـ تقول إنني لا أراها ملفتة للأنظار. والجواب: أن المرجع في ذلك هم الرجال، وليس النساء.
وقد وقفت على تحقيق جيد في مجلة الدعوة عن لبس العباءةِ المتبرجة (عباءةٍ الكتف). وقد وزع ستمائة وأربع وعشرون استبانة، نصفها وزع على النساء اللواتي يضعن العباءة على الكتف، ونصفها على اللواتي يضعنها على الرأس.
وكان من نتائج هذه الاستبانة التي وزعت على من يضعنها على الكتف:
* أن سبعاً وثلاثين في المائة منهن إنما يلبسنها في الأسواق فقط.
* و ستون في المائة منهن يلبسنها مسايرة للموضة.
* وأن تسعاً وثلاثين في المائة منهن يشعرن بالخوف من الإثم بسبب لبسها.
* وأن سبعاً وأربعين في المائة يلبسنها وولي أمرها راضٍ عنها.
* والعجيب أن ثمانية عشر في المائة منهن يلبسن عباءة الكتف وولي أمرها غير راض عنها.
* وأعجب من ذلك أن خمساً وثلاثين في المائة ولي أمرها يشجعها على ذلك. حتى قال بعض النساء: نلبس العباءة المتبرجة ونحن غير راضيات ولكنها رغبة الزوج.
وأنا أعرف أحوالاً كثيرة أن الزوج يأمر فيها زوجته أن تلبس عباءة الكتف، وأن تخلع القفاز عند ذهابها معه؛ حتى تكون بالمظهر اللائق أمام الناس.
وكنت أتعجب أشد العجب من ضعف غيرة هؤلاء الرجال على نسائهم، حتى قرأت كلاماً قيماً لابن القيم رحمه الله في كتابه (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) ذكر فيه أن من آثار المعصية ضعف الغيرة، وإذا تاب العبد واستقام رجعت إليه غيرته.
* وأهم نتيجة لهذه الاستبانة أن ستاً وثمانين % منهن تعرضن للمضايقة.
الله أكبر إنه مصداق قول الله تعالى: " ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً " (الأحزاب 59).
ذلك أدنى أن يعرفن؛ أي ذلك أقرب أن تعرف المرأة بالعفاف والحشمة والستر، فلا يؤذين؛ أي فلا تؤذى من أهل السوء والمعاكسات. وهذا أمر مشاهد.
النوع الثالث من الزينة البينة المحرمة: خروج المرأة من بيتها متطيبة.
وأكتفي في هذا النوع بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا " أخرجه مسلم.
وأخرج مسلم أيضاً من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ". وإذا كان هذا في شأن الذهاب إلى المسجد، فالأسواف من باب أولى.
و عَنِ أبي موسى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ". حديث صحيح. أخرجه النسائي وغيره.
النوع الرابع من الزينة البينة: التساهل في كشف العورة أما الرجال الأجانب.
والأمثلة عليه من الواقع كثيرة منها:
المثال الأول: تساهل بعض النساء في كشف اليدين والقدمين، وسبق أن تغطيتهما واجبة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " المرأة عورة ". ولحديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ. قَالَ: يُرْخِينَ شِبْرًا. فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ. قَالَ: فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا، لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ " أخرجه الترمذي بسند صحيح.
والمرأة اليوم لا ترخي عباءتها ذراعاً ولا شبراً، ولا تستر يديها بالعباءة إلا نادراً، فأفضل وسيلة لتغطيتهما هو القفاز والشراب الأسود.
وأنا أعلم أن كشف كثير من النساء لأيديهن وأقدامهن أمام الرجال الأجانب في ذهابها ومجيئها، ليس بقصد التبرج، وإنما بسبب التساهل. و لكنْ عليها أن تعلم أن التساهل لا يرفع الإثم، فقد فعلت المحرم بكشف جزء من العورة.
¥