تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الْمُتَطَهِّرِينَ " [البقرة: 222]، " يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [البقرة: 195]، و " يُحِبُّ الصَّابِرِينَ " [آل عمران: 146]، ولم يصف نفسهُ بغيرها من العلاقةِ والميلِ والصبابةِ والعشقِ والغرامِ ونحوها، فإن مسمى المحبةِ أشرفُ وأكملُ من هذه المسمياتِ، فجاء في حقهِ إطلاقه دونها ".ا. هـ.

وقالَ في " روضةِ المحبين " (ص 28 – 29) بعد تعريفهِ " للعشقِ ": " وقد اختلف الناسُ هل يطلقُ هذا الاسم في حقِ اللهِ تعالى؟ فقالت طائفةٌ من الصوفيةِ: لا بأس بإطلاقهِ، وذكروا فيه أثراً لا يثبتُ وفيه: " فإذا فعل ذلك عشقني وعشقته، " وقال جمهورُ الناسِ: لا يطلقُ ذلك في حقهِ سبحانهُ وتعالى، فلا يقالُ: " إنهُ يعشقُ ولا يقالُ: " عشقهُ عبدهُ "، ثم اختلفوا في سببِ المنعِ على ثلاثةِ أقوالٍ، أحدها: عدم التوقيف – أي: عدمُ ورودِ النصِ - بخلافِ المحبةِ، الثاني: أن العشقَ إفراطُ المحبةِ، ولا يمكنُ ذلك في حقِ الربِ تعالى، فإن اللهَ تعالى لا يوصفُ بالإفراطِ في الشيءِ، ولا يبلغُ عبدهُ ما يستحقهُ من حبهِ فضلاً أن يقالَ: " أفرطَ في حبهِ الثالث: أنه مأخوذٌ من التغيرِ كما يقالُ للشجرةِ المذكورةِ: " عَشَقةٌ "، ولا يطلقُ ذلك على اللهِ سبحانه وتعالى ".اهـ.

وقالَ أبو الفرجِ ابنُ الجوزي في " تلبيسِ إبليس " (3/ 1011 – 1013) عند سياق ما يروى عن الصوفيةِ من سوء الاعتقادِ: " قال السراجُ: " وبلغني أن أبا الحسين النوري شهد عليه غلامُ الخليلِ أنه سمعهُ يقولُ: " أنا أعشقُ اللهَ وهو يعشقني "، فقال النوري: " سمعتُ اللهَ يقولُ: " يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه [المائدة: 54]، وليس العشقُ بأكثر من المحبةِ.

قال القاضي أبو يعلى: " وقد ذهبت الحلوليةُ إلى أن اللهَ تعالى يُعشقُ ". [قال محققُ الكتابِ في الحاشيةِ: " كتابُ المعتمدِ في أصولِ الدينِ (ص 76) وعبارتهُ: " وذاتُ الباري لا يجوزُ أن تُعشَقَ، خلافاً للحلوليةِ في قولهم: " إنها تُعشقُ "].

قالَ المصنفُ (أي: ابن الجوزي): قلتُ: وهذا جهلٌ من ثلاثةِ أوجهٍ: أحدها: من حيث الاسم، فإن العشق عند أهلِ اللغة لا يكونُ إلا لما ينكحُ، والثاني: أن صفاتِ اللهِ منقولةٌ، وهو يُحِبُّ ولا يقالُ: " يَعْشَقُ "، ويُحَبُّ ولا يقالُ: " يُعشقُ ... والثالث: من أين لهُ أن اللهَ يحبهُ؟ وهذه دعوى بلا دليل ... ".ا. هـ.

وقالَ ابنُ أبي العزِ شارحُ الطحاوية (1/ 166) عند ذكرهِ لمراتبِ المحبةِ: " السابعةُ: العشق: وهو الحبُّ المُفرطُ الذي يُخافُ على صاحبهِ منه، ولكن لا يُوصفُ به الربُّ تعالى، ولا العبدُ في محبةِ ربهِ، وإن قد أطلقهُ بعضهم. واختُلِفَ في سببِ المنعِ، فقيل: عدمُ التوقيفِ، وقيل غيرُ ذلك، ولعل امتناعَ إطلاقهِ أن العشقَ محبةٌ مع شهوةٍ ".ا. هـ.

وقال الشيخُ الدكتورُ بكرٌ أبو زيد في " معجمِ المناهي اللفظيةِ " (ص 368): " عاشقُ اللهِ: هذا مما يتسمى به الأعاجم من الهنودِ، وغيرهم، وهي تسميةٌ لا تجوزُ، لما فيها من سوءِ الأدبِ مع اللهِ تعالى، فلفظُ: " العشق " لا يطلقُ على المخلوقِ للخالقِ بمعنى: محبة اللهِ، ولا يوصفُ به اللهُ – سبحانهُ – ".ا. هـ.

وقال أيضاً (ص 392): " العشقُ: فيه أمران: 1 – منعُ إطلاقهِ على اللهِ تعالى: ذكر ابنُ القيمِ – رحمه اللهُ – خلافَ طائفةِ من الصوفيةِ في جوازِ إطلاقِ هذا الاسمِ في حقِ اللهِ تعالى، وذكروا فيه أثراً لا يثبتُ، وأن جمهورَ الناسِ على المنعِ، فلا يقالُ: " إن اللهَ يعشقُ، ولا عشقهُ عبدهُ، وذكر الخلافَ في علةِ المنعِ ... ".ا. هـ.

وبعد عرض هذه النصوصِ من علماءِ الأمةِ، يظهرُ جلياً حكمُ إطلاقِ العشقِ على اللهِ.

النقطةُ الثالثةُ:

بعد النقولِ السابقةِ في إطلاقِ العشقِ على اللهِ، نأتي على إطلاقهِ على النبي صلى اللهُ عليه وسلم، وهل يقالُُ عنه: " عاشقٌ "؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير