وجه الاستدلال به: أن النبي ? أمر بالإحسان في القتل، والأمر يقتضي الوجوب، وليس من إحسان القِتلة تشويه المقتول، وقطع أطرافه، ونقلها للبلدان، فدَّل على تحريم ذلك.
3 - عن بريدة () ? قال: (كان رسول الله ? إذا أمرَّ أميراً على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله ومعه من المسلمين خيراً، ثم قال: اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تعذروا ولا تمثلوا ... ) ().
وجه الاستدلال به: أن النبي ? نهى نهياً صريحاً عن المثلة، والنهي يقتضى التحريم ما لم يوجد له صارف، ولا صارف، فيبقى على الأصل وهو التحريم.
4 - ما جاء عن الزهري () – رحمه الله – قال: (لم يُحمل إلى النبي ? رأس قط ولا يوم بدر وحُمِلَ إلى أبي بكر فأنكره، وأول من حُمِلَت إليه الرؤوس عبدالله بن الزبير) ().
5 - الإجماع ()؛ فقد أجمعت الأمة على تحريم المُثْلة في العدو، كقطع الأنف، أو الرأس، أو الرجل، أو المذاكير، فكيف إذا جمع مع ذلك نقلها إلى البلدان.
أدلة القول الثاني:
قالوا: إنَّ الأدلة السابقة والتي فيها النهي الصريح عن المُثْلة، أو الأمر بالإحسان في القِتلة مُسلَّم بها؛ ولكنَّها لا تدل على التحريم بل على الكراهة؛ لوجود الصارف لها عن دلالتها الأصيلة، وهي كما يلي:
1 - عن عبدالله بن مسعود () ? قال: (أتيت النبي ? برأس أبي جهل، فقلت: هذا رأس أبي جهل، قال: آلله الذي لا إله غيره، وهكذا كانت يمينه، فقلت: والذي لا إله غيره إنَّ هذا رأس أبي جهل، فقال: هذا فرعون هذه الأمة) ().
2 - عن عبدالله بن أبي أوفي () ?: (أن النبي ? صلَّى، يوم بُشّر برأس أبي جهلٍ، ركعتين) ().
3 - عن علي بن أبي طالب ? قال: (أُتِيَتُ النبي ? برأس مرحب) ().
وجه الاستدلال بها: أنَّ فيها دلالةً ظاهرةً على جواز نقل الرأس من ميدان المعركة إلى الحاكم، فتكون صارفةً لأحاديث النَّهي عن التحريم.
ويناقش من أوجه ثلاث:
1 - أنَّ جميع هذه الأحاديث ضعيفة لا تقوم بها حجة، ولا تقوى على صرف الأحاديث الصحيحة الصريحة.
2 - أنه لا دلالة فيها على محل النزاع؛ لأن محل النزاع نقلها من بلد إلى آخر، أما ما ذُكِرَ من الأحاديث فهو كله في ميدان المعركة فضلاً عن أن يكون في بلدٍ آخر.
3 - أنها محمولة على المصلحة، من كسر شوكة العدو، وإفراح قلوب أهل العدل.
4 - عن فيروز الديلمي () ? قال: (أتيت النبي ? برأس الأسود العنسي الكذاب) ().
وجه الاستدلال به: أنَّ فيه دلالةً صريحةً على جواز نقل رؤوس الكفار من بلد إلى آخر، فيكون صارفاً للنهي الوارد عن التحريم.
ويناقش من وجهين:
1 - أنَّ الحديث مُعَلٌ بالانفراد، وعدم المتابع فيه، فلا يصح لذلك ().
2 - أنه لو صح لم يكن فيه حجة؛ لأنه ليس فيه اطلاع النبي ? على ذلك وتقريره له ().
الراجح:
أنَّ نقل رؤوس الكفار من بلد إلى آخر إذا لم يكن فيه مصلحة، أو معاملة بالمثل، فهو داخل في المثلة المحرمة؛ لضعف الأحاديث الواردة في جواز ذلك، فوجب البقاء على الأصل، وهو التحريم. – والعلم عند الله تعالى -.
قال الإمام أبو داود () – رحمه الله -: (في هذا "أي نقل رؤوس الكفار" أحاديث عن النبي ? لا يصح فيها شيء) ()] باختصار.
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[14 - 05 - 04, 12:23 ص]ـ
جزاكم اللهُ خيراً على هذا البحث، وقد كتبتُ بحثاً عن المسألةِ في الساحات، وهذا رابطه:
القولُ المبينُ في حكمِ التحريقِ والمُثْلةِ بالكفارِ المعتدين
http://alsaha.fares.net/[email protected]@.1dd57025
ولا تبخلوا علي بالتعليق والتعقيب بارك الله فيكم.
***********
القولُ المبينُ في حكمِ التحريقِ والمُثْلةِ بالكفارِ المعتدين
الحمدُ للهِ وبعدُ؛
كثرَ الكلامُ والأخذُ والردُ فيما حصل في " الفلوجة " من سحبٍ وتعليقٍ لجثثِ بعضِ العلوجِ الذين قتلوا من قِبلِ المقاومةِ العراقيةِ، وقرأتُ كثيراً من الردودِ وكثيرٌ منها تكلمت بطريقةٍ عاطفيةٍ غيرِ تأصليةٍ شرعيةٍ، وكانت بعضُ الردودِ علميةً ولكنها لم تفِ بالمقصودِ ولم تعطِ الموضوعَ حقهُ من البحثِ.
ورأيتُ أنهُ لا بد من الكتابةِ في هذا الأمرِ بشيءٍ من التفصيلِ والتأصيلِ لكي يكون الأمرُ مبنياً على قال اللهُ وقال الرسولُ، وليس مجرد عواطف لا تقدمُ ولا تؤخرُ.
¥