تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نقله المزي في التهذيب (23/ 220، ترجمة الفضل بن دلهم) عن أبي بكر الأثرم قال: ((سألتُ أبا عبد الله عن الفضل بن دلهم؟ فقال: ليس به بأس إلا أن له أحاديث)).

وقال الأثرم: ((سمعت أبا عبد الله ذكر حديث الفضلَ بن دلهم عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق عن النبي صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا).

فقال: هذا حديث منكر. يعني: خطأ.

قال أبو بكر الأثرم: وقد رواه قتادة ومنصور بن زاذان فقالا: عن الحسن عن حطان عن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم)) أهـ

فانظر إلى قوله: ((حديث منكر. يعني: خطأ)) والمعنى ظاهر أيًا ما كان التفسير من الإمام أو الأثرم في قوله: ((يعني)).

والرواية التي ذكرها الأثرم عن عبادة ذكرها البخاري رحمه الله في كلامه على الروايات وقال: ((وهذا أصح)) [التاريخ الكبير 7/ 116 ـ ترجمة الفضل].

فظهر المراد من المنكر هنا أيضًا، فليس مقصودًا به التفرد كما ترى، والفضل عند الإمام أحمد: لا بأس به، وحديثه المنكر هنا يعني الخطأ.

ومثل هذا:

حديث سيار عن جعفر عن ثابت عن أنس مرفوعًا: ((إن الله يعافي الأميين)) قال أحمد: ((حديث منكر)) وقال: ((الخطأ من جعفر، ليس هذا من قِبَل سيار)) [المنتخب من العلل/77].

ومثله:

قوله في حديث عائشة مرفوعًا: ((ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر)): ((وأنكره إنكارًا شديدًا وقال: هذا خطأ)) [المنتخب/107].

ومثله:

إنكاره بعض الأحاديث على المسيب بن شريك، فقال عبد الله: قلت لأبي: ((ترى المسيب كان يكذب؟ قال: معاذ الله، ولكنه كان يخطئ)) [العلل ومعرفة الرجال/3637 – 3638].

مثال آخر:

في العلل للمروذي وغيره (ص/148): ((وذكرتُ له حديث الحسين الجعفي عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر: (أسلم سالمها الله)؟ فأنكره إنكارًا شديدًا وقال: هذا عبد الله بن دينار عن ابن عمر، انظر الوهم من قِبَلِ مَنْ))؟

ورواة الحديث معروفون مشهورون ولكن الحديث وهم ولذا فهو مستحق لأن ينكره أحمد إنكارًا شديدًا.

مثال آخر:

ذكر الإمام أحمد حديث الفضل بن موسى عن إبراهيم بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس؛ قال: ((عارض رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة أبي طالب) ثم قال الإمام: ((هذا منكر، هذا رجل مجهول)) [المروذي وغيره/رقم: 272].

والحديث ذكره ابن عدي في ترجمة إبراهيم بن عبد الرحمن من الكامل (1/ 260) وقال: ((وعامة أحاديثة غير محفوظة)) وقال الذهبي في الميزان: ((خبر منكر)).

فهذا منكر على رواية مجهولٍ، عبارة ابن عدي هذه تدل على مرادفة المنكر للشاذ أيضًا.

وعباراتهم في الإعلال قريبٌ بعضها من بعض.

مثال آخر:

ذكر حديث زهير بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: ((إذا كان نصف شعبان فلا صوم)((فأنكره، وقال: سألتُ ابن مهدي عنه، فلم يحدثني به، وكان يتوقَّاهُ.

ثم قال أبو عبد الله: هذا خلاف الأحاديث التي رُوِيَتْ عن النبي صلى الله عليه وسلم)) [العلل للمروذي وغيره/ رقم 278].

مثال آخر:

ذكر لوينًا فقال: ((قد حدث حديثًا منكرًا)) فذكر له حديث: ((ما أنا الذي أخرجتكم، ولكن الله أخرجكم)((فأنكره إنكارًا شديدًا، وقال: ما له أصل)) [العلل للمروذي وغيره/ رقم 208].

قال الخطيب البغدادي: ((أظن أبا عبد الله أنكر على لوين روايته متصلاً، فإن الحديث محفوظ عن سفيان بن عيينة غير أنه مرسلٌ عن إبراهيم بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم)) [تاريخ بغداد 5/ 293 ـ 294].

........

وأمثلة ذلك عندي كثيرة كسلتُ عن نقلها، وجميعها ظاهرة في تأكيد رد المنكر عند الإمام أحمد، ثم عدم تفريق الإمام بين راوٍ وآخر، ولا بين ثقة أو ضعيف في استنكار الحديث.

وقد رأيتَ إطلاقه للمنكر على الخطأ والوهم والشاذ وما خالف الثابت الصحيح، وما لا أصل له، وغير ذلك من المعاني السابقة في الأمثلة التي نقلتها هنا.

وتبقى مناقشة كلام ابن رجب رحمه الله حول هذه المسألة.

وسأذكر ذلك في مشاركة لاحقة إن شاء الله تعالى، فنظرةٌ إلى ميسرة.

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير