[هل تعاملت مع القرآن الكريم بهذه الطريقة؟]
ـ[أبو هاجر داوود]ــــــــ[02 - 06 - 04, 05:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه
هل تعاملت مع القرآن الكريم بهذه الطريقة؟ (الحلقة الأولى)
إخوتي القراء، أريد أن أنبهكم على أن الموضوع سيكون إن شاء الله تعالى على شكل حلقات متسلسلة. والهدف من كل هذه الحلقات هو تصحيح علاقتنا وتعاملنا مع كلام ربنا سبحانه. ونظرا إلى أن هذه الحلقات المتسلسلة ستخرج إن شاء الله في نهاية المطاف في كتيب صغير تسهيلا للقارئ، فإني أرجو من جميع القراء أن يدرسوا هذا الموضوع بدقة وإمعان لكي يساهموا قدر المستطاع في تصحيح أخطائه، سواء ما تعلق منها بالمفاهيم أو ما تعلق بالأساليب، لاسيما من مشايخي الكرام وأساتذتي الأفاضل الذين أكن لهم كل تقدير واحترام حفظهم الله ورعاهم، والسلام عليكم وحمة الله وبركاته.
ماذا نستفيد من طمع رسولنا وموسى وهارون عليهم السلام فيمن طغى واستغنى؟
أرسل الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم لمهمة بينها في قوله سبحانه: (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) أي يزكينا بأن يعلمنا ما لم نكن نعلم من الكتاب والحكمة عندما يتلو علينا آيات ربنا سبحانه، قال سبحانه: (تلك آيات الكتاب الحكيم)، فالكتاب حكيم، والحكمة توجد في كل آية من آياته، وقال سبحانه عن هذا الكتاب الذي أنزله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته).
ويقول سبحانه عن موقف الإنسان من تدبر آيات كتابه: (اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم، كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)، ويقول الله تعالى مخاطبا هؤلاء: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها).
لما وجد نبينا صلى الله عليه وسلم إنسانا من هذا النوع الذي يبدو من ظاهر حاله أنه طغى واستغنى عما عنده صلى الله عليه وسلم من القرآن أي استغنى عن تدبر القرآن، لما وجده صلى الله عليه وسلم على هذه الحال أقبل عليه بكل اهتمام لا يشتغل بأحد سواه، قال تعالى: (أما من استغنى فأنت له تصدى)، يتلو عليه آيات القرآن تطبيقا لأمر الله سبحانه إذ قال له: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)، فهو يريد أن يعلمه ما لم يكن يعلم بأن يقرأ عليه ما أنزل الله إليه من آيات القرآن طمعا في أن يتدبرها فيزكى بذلك أي يتطهر مما هو عليه من الاستغناء عن تدبر القرآن.
لقد طمع رسولنا صلى الله عليه وسلم في ذلك لأن من استغنى إنما استغنى بالظاهر الذي بدا له صلى الله عليه وسلم، فقوله تعالى: (وما عليك ألا يزكى) لا يدلنا على أن من استغنى شقي في علم الله سبحانه،فيحتمل أن يهتدي إلى ربه ولو بعد حين.
ومثل رسولنا صلى الله عليه وسلم في تبليغه هذا مثل موسى عليه السلام إذ قال له ربه: (اذهب إلى فرعون إنه طغى، فقل هل لك إلى أن تزكى، وأهديك إلى ربك فتخشى)، كما قال له سبحانه ولأخيه: (اذهبا إلى فرعون إنه طغى، فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى).
فموسى وأخوه عليهما السلام ذهبا إلى فرعون الذي طغى ليقولا له قولا لينا طمعا في أن يزكى ويهتدي إلى ربه بأن يخشى ويذكر، قال تعالى: (سيذكر من يخشى) أي يحتمل أن يهتدي فرعون إلى ربه سبحانه في لحظة ما، أي على موسى وأخيه أن يطمعا في اهتدائه ولو كان فرعون نفسه شقيا في علمه سبحانه إذ أخبرنا بذلك في قوله: (وما أمر فرعون برشيد يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود).
فكيف لا نطمع في أمثال من نراهم أدنى من فرعون في طغيانه ممن لا نملك خبرا من الله سبحانه يدلنا على أنهم أشقياء في علمه سبحانه؟، ومعنى ذلك أنه قد يوجد الكثير من الأشقياء في علمه سبحانه ومع ذلك فنحن مأمورون أن نقول لهم قولا لينا لعلهم يتذكرون أو يخشون.
فلو أن فرعون الذي طغى واستغنى تدبر ذلك القول اللين لتحلى من أول الأمر ومنذ تلك اللحظة بالخشية والتذكر وبالتالي يكون قد تطهر واهتدى إلى ربه سبحانه، كل ذلك في آن واحد، فهي صفات يلازم بعضها البعض الآخر، ومعنى التلازم هنا أنه لا تحل صفة منها في لحظة ما في نفس إنسان ولو كان قد طغى واستغنى إلا وحلت جميع الصفات الأخرى في نفسه في نفس تلك اللحظة.
ومعنى ذلك أن من استغنى لو تدبر ما تلاه عليه نبينا صلى الله عليه وسلم من آيات القرآن لتحلى بالتزكية التي يطمع فيها نبينا صلى الله عليه وسلم، ولتحلى كذلك منذ اللحظة التي تزكى فيها بالخشية والتذكر ويكون بذلك قد اهتدى إلى ربه سبحانه.
للمراسلة والتواصل عبر الماسنجر وعبر البريد الإلكتروني:
[email protected]
¥