تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا .. وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون، كيف الجمع؟]

ـ[علي بن حميد]ــــــــ[07 - 06 - 04, 02:39 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون (الشعراء)،

ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرًا (الفرقان)،

ظاهر هاتين الآيتين الكريمتين التعارض، فكيف يجمع المفسّر بينهما؟

ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[07 - 06 - 04, 03:40 م]ـ

قوله تعالى (وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ) (الشعراء: 208).

المراد هنا أن الله تعالى لا يعاقب أمة إلا و يقيم عليها الحجة كما قال تعالى (مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (الإسراء: 15).

و قوله تعالى (وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ) (الحجر: 4).

و قال (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى) (طه: 134).

فهذه الآيات تدل على أن الله تعالى لا يهلك قرية إلا و يرسل إليها من ينذرها و ليس من شرط الإنذار هنا أن يأتيهم رسول بنفسه لينذرهم و لكن المراد أن تأتيهم نذارة الرسل.

و كذلك ليس من شرط إقامة الحجة أن تبلغ الرسالة كل فرد بل متى بلغت الرسالة بلاغا عاما بحيث من تمكن منها و كان مريدا للحق قبلها فقد أقيمت الحجة على من لم يؤمن بسبب إعراضه عن الحجة و إن لم تبلغه.

فعلى هذا ليس هناك أي تعارض بين الآيتين لأن المراد بآية الشعراء إقامة الحجة و أقامتها كما ذكرنا ليس من شرطه أن يبلغها الرسول بنفسه.

و في آية الفرقان المريد بالنذير الرسول نفسه فإن الله تعالى لم يرسل لكل قوم رسول و لكن تقوم الحجة في أصل الدين بأي رسول و إن لم يبعث إلا إلى قومه لأن الإسلام العام لا يخص قوم دون و إنما يجب على الأمم جميعا بخلاف الشرائع فأنها تجب على من أرسل إليهم الرسول لذا أخرج البخاري من حديث أبي هريرة قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء أخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد).

دينهم واحد أي الإسلام العام كما قال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (النحل: 36).

فالآية عامة في كل الأمم فكل أمة أتاهم رسول دعاهم إلى أصل الدين و معلوم أن ليس كل أمة أتاها رسول فكل رسول أتى دعوته إلى الإسلام العام تعم كل أمة.

و أما قوله صلى الله عليه و سلم (و أمهاتهم شتى) أي شرائعهم و هذه الشرائع لا تلزم كل أمة و لكن تلزم الأمة التي بعث فيها كما قال تعالى (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (المائدة: 48).

ثم لما بعث النبي صلى الله عليه و سلم بعث إلى الناس كافة و نسخت شريعته جميع الشرائع كما في آية المائدة السابقة ((وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ..... ).

و هذه الهيمنة في الشرائع لا في الأصول لأن الأصول واحدة و هذه الأصول لا تنسخ باتفاق الملل.

و الله اعلم.

ـ[أبو مروة]ــــــــ[07 - 06 - 04, 03:48 م]ـ

معنى أية الشعراء مختلف تماما عن معنى آية الفرقان بدلالة السياق الذي وردت فيه كل واحدة منهما.

يقول القرطبي في تفسيره: "القول في تأويل قوله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون} يقول تعالى ذكره: {وما أهلكنا من قرية} من هذه القرى التي وصفت في هذه السور {إلا لها منذرون} يقول: إلا بعد إرسالنا إليهم رسلا ينذرونهم بأسنا على كفرهم وسخطنا عليهم "

وقال ابن كثير في تفسيره: "ثم قال تعالى مخبرا عن عدله في خلقه أنه ما أهلك أمة من الأمم إلا بعد الإعذار إليهم والإنذار لهم وبعثه الرسل إليهم وقيام الحجة عليهم ولهذا قال تعالى " وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين " كما قال تعالى: " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " وقال تعالى " وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا " - إلى قوله - " وأهلها ظالمون " ".

فالمقصود من الأية أن القرى لا تهلك عبثا وإنما بعد أن تنذر وتكذب بمنذريها. أما آية سورة الفرقان فهي تشير إلى معنى مغاير لا علاقة له بالقرى التي نزل عليها عقاب الله لتكذيبها برسلها، بل هي تشير إلى حقيقة أن الرسول صلى الله عليه وسلم رسول الله إلى جميع القرى التي أدركته والتي لم تدركه، وأن مشيئة الله اقتضت أن يكون رسولهم جميعا، يقول تعالى: "ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا، فلا تطع الكافرين، وجاهدهم به جهادا كبيرا".

يقول القرطبي: "القول في تأويل قوله تعالى: {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا} يقول تعالى ذكره: ولو شئنا يا محمد لأرسلنا في كل مصر ومدينة نذيرا ينذرهم بأسنا على كفرهم بنا , فيخف عنك كثير من أعباء ما حملناك منه , ويسقط عنك بذلك مؤنة عظيمة , ولكنا حملناك ثقل نذارة جميع القرى ; لتستوجب بصبرك عليه إن صبرت ما أعد الله لك من الكرامة عنده , والمنازل الرفيعة قبله"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير