تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من ضن بالحديث ابتلي بإحدى ثلاث: .. !]

ـ[ابن معين]ــــــــ[25 - 05 - 04, 10:22 م]ـ

.. .. .. .. .. .. بسم الله الرحمن الرحيم

أحمدك ربي على جزيل نعمك، وعظيم مننك ..

وأشكرك ربي على واسع عطائك، ووافر هباتك ..

وبعد: فهذه خاطرة عابرة، وفكرة شاردة، رأيت داعي كتابتها في هذا الوقت لازم، ونشرها في هذا الزمان حتم جازم.

إن البذل والعطاء سيما لعلو النفس ورفعتها، ودلالة على أصالتها وجودة معدنها، لأن النفوس مجبولة على المنع، تحب المزيد لنفسها وتكره النقصان في حقها، فما خالف أحد هذه الطبيعة إلا بهمة عالية ونفس لحب الخير سائرة وجارية.

والبخيل في عطائه، القابض لجرابه، الحابس لماله، بعيد عن الله وعن الناس، وأبعد منه من ضن بالعلم على أهله، وبخل بالفائدة على أصحابه وإخوانه.

قال ابن حزم رحمه الله: (الباخل بالعلم، ألأم من الباخل بالمال، لأن الباخل بالمال أشفق من فناء ما بيده، والباخل بالعلم بخل بما لا يفنى على النفقة، ولا يفارقه مع البذل).

لقد حث سلفنا الصالح على بذل العلم ونشره وإفادة طلاب العلم بعضهم لبعض لتحصل لهم البركة في علمهم، وأنا ذاكر لك بعض كلامهم لعله يقع منك بموقع جميل ..

قال يحيى بن معين: (من بخل بالحديث وعسر على الناس سماعهم لم يفلح).

وقال سفيان الثوري: (من بخل بعلمه ابتلي بثلاث: إما أن ينساه ولا يحفظ، وإما أن يموت ولا ينتفع به، وإما أن تذهب كتبه).

و قال ابن المبارك: (من ضن بالحديث ولم يفده ابتلي بإحدى ثلاث: إما أن يصحب السلطان فيذهب علمه، أو يكذب في الحديث، أو يموت).

وقال مالك: (من بركة الحديث إفادة بعضهم بعضاً).

وقال الخطيب البغدادي في كتابه الجامع في أخلاق الراوي وآداب السامع: (باب الترغيب في إعارة كتب السماع وذم من سلك في ذلك طريق البخل والامتناع).

ثم قال: (إذا كان لرجل كتاب مسموع من بعض الشيوخ الأحياء فطلب منه ليسمع من ذلك الشيخ، فيستحب أن لا يمتنع من إعارته، لما في ذلك من البر، واكتساب المثوبة والأجر، وهكذا إذا كان في كتابه سماع لبعض الطلبة من شيخ قد مات فابتغى الطالب نسخه استحب له إعارته إياه، وكره أن يمنعه منه).

واقرأ معي كلام خالد القسري وهو من جميل خطبه في هذا المقام:

(كان خالد القسري يقول في خطبته:

يا أيها الناس تنافسوا في المكارم، وسابقوا إلى الخيرات، واشتروا الحمد بالجود، ولا تكتسبوا بالمطل ذما، ومهما كانت لأحد منكم عند أحد يد ثم لم يبلغ شكرها فالله أكمل لها أجراً، وأفضل لها عطاء.

يا أيها الناس إن حوائج الناس إليكم نعم من الله عليكم، فلا تملوا النعم فتحول نقماً، واعلموا أن خير المال ما أكسب حمداً وأورث ذخرا.

يا أيها الناس من جاد ساد، ومن بخل ذل، ولو رأيتم المعروف رجلاً لرأيتموه بهياً جميلاً يسر الناظرين ويفوق العالمين، ولو رأيتم البخل رجلاً لرأيتموه قبيحاً مشوهاً تغض منه الأبصار وتقصر دونه القلوب.

أيها الناس إن أكرم الناس من أعطى من لا يرجوه، وإن أفضل الناس من عفا عن قدرة، والأصول عن مغارسها تنمي، وبفروعها تزكو).

فيا طالب العلم جد بعلمك، وأعر كتبك، وأفد صحبك، تنل رضا ربك.

وأخيراً: هذه ومضة خطرت في الذهن فأضأتها، ولمعة في الفكر فأوقدتها، وإني لشاهد على أنك في غنى عما أقول، وإنما هي تذكرة للغافل، وشحذ همة للباذل.

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[25 - 05 - 04, 11:56 م]ـ

حفظك ربي وبارك فيك وأجزل لك المثوبة

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم

وأنا أشير إلى بعض أمور أهل الكتاب والأعاجم التي ابتليت بها هذه الأمة ليجتنب المسلم الحنيف الانحراف عن الصراط المستقيم إلى صراط المغضوب عليهم أو الضالين

قال الله سبحانه (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق)

فذم اليهود على ما حسدوا المؤمنين على الهدى والعلم

وقد يبتلى بعض المنتسبين إلى العلم وغيرهم بنوع من الحسد لمن هداه الله لعلم نافع أو عمل صالح وهو خلق مذموم مطلقا

وهو في هذا الموضع من أخلاق المغضوب عليهم

وقال الله سبحانه (والله لا يحب كل مختال فخور الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله)

فوصفهم بالبخل الذي هو البخل بالعلم والبخل بالمال

وإن كان السياق يدل على أن البخل بالعلم هو المقصود الأكبر

فلذلك وصفهم بكتمان العلم في غير آية مثل قوله تعالى (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) الآية

وقوله تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا) الآية

وقوله (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار) الآية

وقوله تعالى (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن)

فوصف المغضوب عليهم بأنهم يكتمون العلم تارة بخلا به

وتارة اعتياضا عن إظهاره بالدنيا وتارة خوفا أن يحتج عليهم بما أظهروه منه

وهذا قد ابتلى به طوائف من المنتسبين إلى العلم

فإنهم تارة يكتمون العلم بخلا به وكراهة أن ينال غيرهم من الفضل ما نالوه

وتارة اعتياضا عنه برياسة أو مال ويخاف من إظهاره انتقاص رياسته أو نقص ماله

وتارة يكون قد خالف غيره في مسألة أو اعتزى إلى طائفة قد خولفت في مسألة فيكتم من العلم ما فيه حجة لمخالفه وإن لم يتيقن أن مخالفه مبطل

ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي وغيره أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم

وليس الغرض تفصيل ما يحب وما يحتسب بل الغرض التنبيه على مجامع يتفطن اللبيب بها لما ينفعه الله به) انتهى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير