[حول مسند أحمد رحمه الله]
ـ[أبو المسور المصري]ــــــــ[11 - 06 - 04, 02:54 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد،
فهذه لمحات موجزة عن مسند أحمد رحمه الله، جمعتها، ولله الحمد، من بعض محاضرات شيوخنا الأفاضل، كما هو موضح في عزو الأقوال إلى أصحابها، ومن مشاركات بعض مشايخي وإخواني الفضلاء، أعضاء المنتدى، أسأل الله عز وجل أن ينفع بها، وأرجو من إخوتي التنبيه على ما بها من أخطاء، إن وجدت، والإضافة على ما فيها من مادة علمية، وجزاكم الله خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية، لابد من عرض منهج أصحاب المسانيد في تصنيفهم وهي أن يسرد المصنف أحاديث كل صحابي على حدة، وأما ترتيب أسماء الصحابة رضي الله عنهم داخل المسانيد، فقد يكون على حروف المعجم، أو بحسب السبق إلى الإسلام، أو بحسب البلدان والقبائل، ونحو ذلك، وقد بدأ أحمد بذكر أحاديث العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم، ثم جاء بمسند 3 من الصحابة، حاول العلماء معرفة سر تقديمه لهم وذكرهم بعد العشرة مباشرة، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك، وقد أشار إلى هذه النقطة، الشيخ سعد الحميد حفظه الله، في محاضراته عن طرق تخريج حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأثار سؤالا مهما، وهو: هل لأحمد، شبهة ترتيب في كتابه؟ وأجاب حفظه الله بقوله، أنه بشكل عام، لا يوجد لأحمد في مسنده ترتيب واضح، فلم يرتب الصحابة رضي الله عنهم على الحروف، ولم يرتب الطرق عنهم، كما فعل المزي في تحفة الأشراف، ومع ذلك فإن أحمد، راعى بعض الأمور، ومن أبرزها:
¨ الأفضلية: حيث بدأ كتابه بذكر الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم، ثم بقية العشرة رضي الله عنهم، ثم أورد أحاديث 3 من الصحابة، منهم أسامة بن زيد رضي الله عنه، كما سبق بيان ذلك قريبا، ثم جاء بمسند بني هاشم رضي الله عنهم، ثم جاء بمسانيد بعض مشاهير الصحابة مثل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
¨ البلدان: حيث أفرد رواة كل بلد بمسند خاص بهم، فجاء بمسند للمكيين، وآخر للمدنيين، وثالث للكوفيين، ورابع للبصريين، وخامس للمصريين، وسادس للشاميين، وهكذا.
¨ القبائل: حيث أفرد الأنصار رضي الله عنهم بمسند خاص بهم.
¨ النوع: حيث بدأ بمسانيد رجال الصحابة رضي الله عنهم أولا، ثم أتبعها بمسانيد نساء الصحابة رضي الله عنهن، وأورد بعد مسانيدهن مسانيد بعض رجال الصحابة رضي الله عنهم، كمسند أبي ذر رضي الله عنه، ولكن عددها قليل.
¨ ولكن العلماء، لم يرتضوا هذا الترتيب، خاصة مع وجود ثغرات كبيرة فيه، من أبرزها وجود بعض الأسانيد المقسمة، فمسند الصحابي، قد يرد جزء منه في موضع، ويرد الجزء الآخر في موضع آخر، وقد ترد أحاديث صحابي، في مسند صحابي آخر، كما سيأتي قريبا، من كلام الشيخ أحمد شاكر، ولذا فإن الذهبي، قال بأنه كان يجدر بعبد الله بن أحمد، أن يصرف همه لترتيب المسند.
وقد تفرد مسند أبي عبد الرحمن بقي بن مخلد بأنه أجمع الكتب، وبأنه المصنف الوحيد الذي جمع بين طريقتي السنن والمسانيد في التصنيف، وهذا ما أكد عليه ابن حزم بقوله: مسند بقي روى فيه عن 1300 صاحب ونيف، ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه، فهو مسند ومصنف، وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله، مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله في الحديث.
وأما بالنسبة لمسند أحمد، فهو من أجل كتب السنة، وأحد المصادر الأساسية للحديث الشريف، ويبلغ عدد أحاديثه بالمكرر نحو 40000 حديث وبحذف المكرر 30000 حديث، وقد انتقى أحمد أحاديثه من 750000 حديث، وجاء هذا في رواية حنبل بن أحمد حيث قال: جمعنا أبي أنا وصالح وعبد الله فقرأ علينا المسند وما سمعه غيرنا وقال: هذا الكتاب جمعته من أكثر من 750000 حديثا، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه فإن وجدتموه فليس بحجة. وهذا يثير سؤالين في غاية الأهمية:
هل استوعب مسند أحمد السنة بأكملها؟ وهل أحاديثه كلها صحيحة؟
ونبدأ إن شاء الله بإجابة السؤال الأول:
¥