[امرأة حلفت عليها والدتها لعمل شيء ما وهذا الشيء مباح ولكنها لم تعمل هذا الشيء وبعد ذل]
ـ[مجاهد نفسه]ــــــــ[04 - 06 - 04, 04:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
امرأة حلفت عليها والدتها لعمل شيء ما وهذا الشيء مباح ولكنها لم تعمل هذا الشيء وبعد ذلك تريد ان تكفر عن خطأها هل تكفر عن يمين والدتها؟
ويلاحظ ان كثير من العامة اذا اراد ان يكفر عن اليمين يصوم ثلاث ايام متتاليه فماهو الصحيح في ذلك هل يصوم ام يطعم المساكين؟ وماهو الأفضل؟
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[04 - 06 - 04, 11:08 م]ـ
مجاهد نفسه
إبرارُ القسمِ على أمرٍ مباحٍ اختلف فيه أهلُ العلمِ على قولين:
القولِ الأولِ: وجوب إبرارِ المقسمِ. قال الشيخُ خالد المشيقح في " أحكام اليمين " (316): وهو احتمالٌ ذكرهُ ابنُ قدامةَ في " المغني "، واختار شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ وجوبَ إبرارِ المقسمِ على معينٍ، ولا يجبُ لسائلٍ يقسمُ على الناسِ.
القولِ الثاني: استحبابُ إبرارِ المقسمِ، وهو قولُ الجمهورِ.
وذكر الشيخُ خالد المشيقح أدلةَ كل قولٍ ورجح القولَ الأول.
نأتي على مسألتك وهي من أقسم على غيرهِ فلم يبرهُ صاحبهُ هل تلزمُ الحالفُ كفارة أم لا؟
لا شك أن الكفارةَ على الحالفِ وليس على المحلوفِ عليه، ولكن هل تلزمهُ فتكون في حقه واجبةٌ؟
فيه خلافٌ بين أهلِ العلم على قولين أيضاً:
القولِ الأولِ: أن الكفارةَ تجبُ على الحالفِ.
قال الإمامُ ابنُ قدامةَ في المغني (11/ 247): فَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ فُلَانٌ كَذَا، أَوْ لَا يَفْعَلُ. أَوْ حَلَفَ عَلَى حَاضِرٍ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا. فَأَحْنَثَهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ، فَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْحَالِفِ.
كَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَعَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَالشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ هُوَ الْحَانِثُ، فَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْفَاعِلَ لِمَا يُحْنِثُهُ، وَلِأَنَّ سَبَبَ الْكَفَّارَةِ إمَّا الْيَمِينُ، وَإِمَّا الْحِنْثُ، أَوْ هُمَا، وَأَيُّ ذَلِكَ قُدِّرَ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالِفِ. وَإِنْ قَالَ: أَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ. وَأَرَادَ الْيَمِينَ، فَهِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. وَإِنْ أَرَادَ الشَّفَاعَةَ إلَيْهِ بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَإِنْ قَالَ: بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ. فَهِيَ يَمِينٌ؛ لِأَنَّهُ أَجَابَ بِجَوَابِ الْقَسَمِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا يَصْرِفُهَا، وَإِنْ قَالَ بِاَللَّهِ أَفْعَلُ. فَلَيْسَتْ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجِبْهَا بِجَوَابِ الْقَسَمَ، وَلِذَلِكَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ أَفْعَلُ. وَلَا: بِاَللَّهِ أَفْعَلُ. وَإِنَّمَا صَلَحَ ذَلِكَ فِي التَّاءِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِالْقَسَمِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُؤَالٌ، فَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ. ا. هـ.
القولِ الثاني: ذهب ابنُ حزمٍ إلى أن من حلف على غيرهِ أن يفعلَ فعلاً فلم يفعلهُ فلا كفارة علي الحالفِ مطلقاً، ونقل عن الحسنِ البصري أنه قال: " ومن حلف أن لا يفعل أمراً ففعله ناسياً أو حلف على غيرهِ أن يفعلَ فعلاً ذكرهُ له أو لا يفعل كذا ففعل المحلوف عليه عامداً أو ناسياً فلا كفارة على الحالفِ في شيءٍ من كل ذلك ولا إثم ".
ودليلهُ أنه لا حنت إلا على القاصدِ وهذا لم يقصد الحنث فلا كفارة عليه.
وقد يشهدُ لقولِ ابنِ حزمٍ حديثُ ابنِ عباس فس الصحيحين في القصةِ الطويلة ِ، والتي الشاهدُ منها: " فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا، قَالَ: فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ. قَالَ: لَا تُقْسِمْ. ولم يأمرهُ النبي صلى الله عليه بالكفارةِ.
أما الكفارةُ فإنها عليها إن أن تكونَ فقيرةً ولا تستطيعُ الوفاءَ بذلك فإنه لا بأس بدفع الكفارةِ عنها.
وأما ما يفعله كثير من العامةِ في كفارةِ اليمين من الابتداءِ بالصيامِ مباشرةً فلا شك أنه خلافُ الآيةِ وهي قولُ الله تعالى: " فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ " [المائدة: 89].
ففي الثلاثة الأولى هي على التخيير وهي الإطعامُ أو الكسوةُ أو عتقُ رقيةِ، والرابعةُ وهي صيامُ ثلاثة أيامٍ فهي عند العجزِ عن عن التكفيرِ بأحد الخصالِ الثلاثةِ المتقدمةِ. واللهُ أعلم.