تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المنكر أبدًا منكر (معنى المنكر عند الإمام أحمد رحمه الله)

ـ[يحيى القطان]ــــــــ[01 - 06 - 04, 04:08 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المنكر أبدًا منكر (معنى المنكر عند الإمام أحمد رحمه الله)

بهذا الكلام المختصر، واللفظ اليسير يوضح لنا الإمام أحمد رحمه الله تعالى مراده من المنكر، وليس خافيًا عليك أن أفضل ما فُسِّرَ به معنى المنكر عند الإمام أحمد ما ذكره هو رحمه الله من لفظه وعبارته، فهذا ((يقطع العذر ويمنع التشاغب)) على حد قول الشاطبي رحمه الله في الكلام على أصول المناظرات والمحاورات من كتابه الفذ ((الموافقات)).

وعبارة الإمام أحمد رحمه الله في ذلك: ((الحديث عن الضعفاء قد يُحْتاج إليه في وقتٍ، والمنكر أبدًا منكر)) [علل المروذي وغيره (رقم/287)، ومسائل ابن هانئ (1925 ـ 1926) ونقله ابن رجب في شرح العلل (1/ 385) عن ابن هانئ].

وهذا دالٌّ على أمور؛ منها: أن المنكر مردودٌ عند الإمام أحمد على الدوام، ويدل على ذلك مقابلته باحتياج الضعيف في وقتٍ، ثم التركيز على كينونته مردود منكر أبدًا.

فإن قيل: قد وقف بعض مَنْ فسَّر مراد أحمد بالتفرد على عبارة الإمام أحمد هذه ولم يفهم منها مثل ما فهمته؟

فالجواب عن ذلك: أن الخلل في تفسير المنكر قد جاء من قِبَلِ الخلل في تفسير وفهم قضية التفرد، وقبول التفرد في الأغلب إلا في أمثلة نادرة حيث تطغى العلة وتفحش فيرد الحديث بها، ولم يَرَ بعض الناس في التفرد شيئًا يُردّ من أجله الحديث، ولذا حين رأى الإمام أحمد رحمه الله مثلاً يقول يستنكر أحاديث لمثل محمد بن إبراهيم أو غيره من رواة الصحاح قال صاحبنا على الفور: أحمد يعني بذلك التفرد، أو ((الحديث الفرد الذي لا متابع له) على حدِّ عبارة ابن حجر في مواضع من مقدمة الفتح أثناء تراجم: محمد بن إبراهيم التيمي وغيره.

وبغض النظر عن منشأ الخلل في فهم مراد الإمام أحمد من المنكر، فإن قضايا الحديث ذات طابع تراكمي، الخلل في بعضها يؤدي للخلل في باقيها، ويخطئ بعض الأفاضل حين تغيب عنه هذه الحقيقة التراكمية للقضايا الاصطلاحية.

والذي يعنينا هنا أن المنكر عند الإمام أحمد رحمه الله لا يطلق على مجرد التفرد.

وقولهم: المنكر عند أحمد يطلق على الحديث الفرد الذي لا متابع له، يدل على قبولهم لهذا الحديث الذي أنكره أحمد؛ لأنه في نظرهم أطلقه على الفرد الذي لا يُتَابع، ثم إن التفرد لا غضاضة فيه في نظرهم، فتراكم هذا على ذاك فصار منكر أحمد صحيحًا عند بعض من تلاه .. وهكذا.

وأنا أتعجب من هذا؛ لأننا لو فرضنا جدلاً أن المنكر يطلق عند أحمد على الفرد الذي لا متابع له: لكفانا قول مسلم في مقدمة صحيحه عن المنكر وحده، فهو كافٍ شافٍ في بيان الخلل في التفرد، والشك والريب المحيط بالحديث الفرد، فهو على كل حال ليس مقبولاً بإطلاق كما جرى عليه البعض.

ومع وضوح عبارة الإمام أحمد رحمه الله السابق ذكرها غير أني أسوق لكم بعض الأمثلة المؤكِّدة للعبارة السابقة، والمفسِّرة بوضوحها وظهورها لمذهب الإمام أحمد في المنكر الموافق لمذاهب غيره من النقاد.

وبسقوط هذا التفسير الخطأ المنسوب لأحمد والذي يقاربه ـ على حد عبارة ابن رجب ـ مذهب يحيى القطان يسقط كلامهم عن يحيى وغيره من المقاربين لأحمد على الفور كما ستعلمه بعْدُ فيما يأتي في الكلام عن يحيى القطان رحمه الله تعالى.

لنذهب معًا إلى عبد الرحمن بن أبي الموال الذي روى حديث الاستخارة فقال الإمام أحمد رحمه الله: ((عبد الرحمن لا بأس به)) هذا حال الرجل عند الإمام أحمد رحمه الله لكن ماذا عن حديث الاستخارة لعبد الرحمن يا إمام أحمد؟ قال: ((يروي حديثًا لابن المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستخارة، ليس يرويه أحدٌ غيره، هو منكر)) فسأله أبو طالب: هو منكر؟ قال: ((نعم؛ ليس يرويه غيره، لا بأس به، وأهل المدينة إذا كان حديثٌ غلط يقولون: ابن المنكدر عن جابر، وأهل البصرة يقولون: ثابت عن أنس، يحيلون عليهما)) [الكامل لابن عدي (4/ 307، ترجمة ابن أبي الموال].

فهذا صريح في مرادفة المنكر للخطأ عند الإمام أحمد رحمه الله فهو مردود إذن، وليست القضية عند الإمام أحمد في تفرد الراوي أو حاله، فقد اعترف سلفًا بأنه لا بأس به، فلم يعد ملتبسًا بعد ذلك.

مثال آخر:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير