تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: العلل التي ذكرتها و هي تحميل النفس فوق طاقتها و هو محرم فلا يجوز تحميل النفس فوق طاقتها و هذا محرم في الحيوانات فكيف ببني آدم عن سهل ابن الحنظلية قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه فقال اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة وكلوها صالحة).

و خشية اعتقاد وجوب هذه العبادة و معلوم أن هذا نوع تشريع و هو محرم بل كفر.

و المواظبة على هذه العبادات وسيلة إلى هذه المحرمات و الوسائل لها أحكام المقاصد.

و الله أعلم.

ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[06 - 06 - 04, 01:09 ص]ـ

و أما قول الأخ الفاضل (وبالنسبة لاعتقاد الوجوب فهل تعني بأن كل ما واظب النبي صلى الله عليه وسلم يجعل الناس تعتقد بوجوبه؟

ألا يعلم الصحابة الكرام السنن من الواجبات؟

وماذا عن السنن الراتبة؟ لماذا لم يعتقدوا وجوبها؟ وغيرها من السنن المؤكدة؟).

أخي الفاضل في نفس كلامك رد عليه فالصحابه رضوان الله عليهم علموا ما هو مسنون و ما هو راتب و ما هو مؤكد فمجرد علمهم هذا لا بد أن يكون بدليل فعندها فإذا رأوا النبي صلى الله عليه و سلم فعل هذه العبادات لا يشتبه عليهم عندها وجوبها من استحبابها.

و أما مسألتنا هي في فعل النبي صلى الله عليه و سلم المجرد فهذا هو الذي قد يشتبه على بعض الناس وجوبه من استحبابه لذا قرر بعض أهل العلم و منهم شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله أن مداومة النبي صلى الله عليه و سلم على الفعل و عدم تركه يدل على الوجوب و لعل حديث عائشة في صلاة الضحى و حديثها و جابر في قيام الليل في رمضان من الأدلة على هذه القاعدة فالنبي صلى الله عليه و سلم ترك الضحى خشية أن تفرض عليهم و ترك قيام الليل جماعة خشية أن تفرض فدل على أن المواظبة على الفعل و عدم تركه متى ما وجد سببه من دلائل الوجوب.

قد يقول قائل ان عائشة رضي الله عنها قالت أن النبي صلى الله عليه و سلم (كان عمله ديمة) و معلوم أن قول عائشه رضي الله عنها هذا في المستحبات لا في الواجبات لأن الواجبات كما هو معلوم من صفاتها المداومة عليها متى ما وجد سببها و ثبتت شروطها و انتفت موانعها.

و مما يؤكد ما ذكرته من أن المراد بقولها هو المستحبات حديث عائشه رضي الله عنها الآخر عند مسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا أثبته، وكان إذا نام من الليل، أو مرض، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ".

و عند ابن خزيمة (" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا أثبته " قالت: " وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح، ولا صام شهرا متتابعا إلا رمضان ".

قد يقول قائل كيف نفرق بين الواجب و بين المستحب الذي كان النبي صلى الله عليه و سلم يواظب عليه قيل كما أن للواجب صفات و أسباب و شروط و موانع فكذلك للمستحب صفات و شروط و موانع تفارق بها الواجب فما افترقت حقيقة الواجب عن حقيقة المستحب إلا لإفتراق صفاتهما و إلا لكان حكمهما واحدا.

و لنضرب مثال على ذلك:

منها أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي ركعتي الفجر و لا يتركهما لا في حضر و لا سفر و عند البخاري من حديث ائشة رضي الله عنها، قالت: " لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد منه تعاهدا على ركعتي الفجر "

و من تتبع صفة ركعتي الفجر علم يقينا أنها تخالف صفة صلاة الفرض بعدة صفات.

منها كما في حديث عائشة قالت: " إن كنت لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر فيخففهما حتى أقول أقرأ فيهما بأم الكتاب؟ ".

و هذا الحديث فيه عدة صور تبين مفارقة ركعتي الفجر لصلاة الفجر.

أولها أنه يخفف ركعتي الفجر فدل على أن صلاة الفجر لا يخفف الصلاة فيها كما في ركعتي الفجر.

و من شدة التخفيف لا تدري أقرأ بأم الكتاب أم لا.

و أن ركعتي الفجر يسر فيها بالقراءة بينما صلاة الفجر يجهر فيها بالقراءة.

أنه يصلي ركعتي الفجر في البيت بغير جماعة بينما صلاة الفجر يصليها جماعة في المسجد و لم يعهد عنه صلى الله عليه و سلم أن يصلي الفرض في البيت أبدا إلا أن يكون مريضا و مع ذلك قد يخرج كما في مرض موته بأبي هو و أمي.

و منها أن من لم يصل ركعتي الفجر صلاهما بعد طلوع الشمس كما في الحديث (ن لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس] بينما صلاة الفرض يصليها متى ما ذكرها و لا يجوز له تأخيرها حتى تطلع الشمس إلا لحاجه كما في حديث أنس عند البخاري و مسلم قال (سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يغفل عن الصلاة أو يرقد عنها قال يصليها إذا ذكرها).

و غيرها كثير و هذا مثال واحد و لو تتبعنا الأمثلة لحصل لنا الكثير من أن كل نافلة داوم النبي صلى الله عليه و سلم عليها لا بد أن تكون صفة المداومة عليها تفارق صفة المداومة على الفرض و كذلك صفتها تفارق صفة الفرض.

فيخلص لنا في الرد على قول الأخ و إيراده السنن الرواتب أن هذه السنن قد علم من قول النبي صلى الله عليه و سلم سنيتها فلا يشكل على الصحابة رضوان الله عليهم عندها أنها من السنن لا من الواجبات.

و أن هذه السنن يعلم من صفاتها أنها لا ترقى للواجب و إن وافقتها في بعض الصفات فإنها تفارقها في كثير من الصفات ما يدل على أن تفارقها في الحكم لمفارقتها في الصفات.

و الله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير