وفي هذا الحديث بهذا الإسناد علة كالتي تقدمت في تفسير سورة نوح , وقد قدمت الجواب عنها , وحاصلها أن أبا مسعود الدمشقي ومن تبعه جزموا بأن عطاء المذكور هو الخراساني , وأن ابن جرير ((قال أبو بكر: هكذا في نسخة الفتح عندي وصوابه جريج)) لم يسمع منه التفسير وإنما أخذه عن أبيه عثمان عنه , وعثمان ضعيف , وعطاء الخراساني لم يسمع من ابن عباس. وحاصله الجواب جواز أن يكون الحديث عند ابن جريج بالإسنادين , لأن مثل ذلك لا يخفى على البخاري مع تشدده في شرط الاتصال , مع كون الذي نبه على العلة المذكورة هو علي بن المديني شيخ البخاري المشهور به , وعليه يعول غالبا في هذا الفن خصوصا علل الحديث.
وقد ضاق مخرج هذا الحديث على الإسماعيلي ثم على أبي نعيم فلم يخرجاه إلا من طريق البخاري نفسه.
الحديث الثالث والأربعون:
مواقيت الصلاة، باب مواقيت الصلاة وفضلها 1/ 131
قال أبو عبد الله
حدثنا عبد الله بن مسلمة قال قرأت على مالك عن ابن شهاب أن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يوما فدخل عليه عروة بن الزبير فأخبره أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يوما وهو بالعراق فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري فقال ما هذا يا مغيرة أليس قد علمت أن جبريل صلى الله عليه وسلم نزل فصلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بهذا أمرت فقال عمر لعروة اعلم ما تحدث أوأن جبريل هو أقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الصلاة قال عروة كذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيه قال عروة ولقد حدثتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر.
قال الحافظ في الفتح 2/ 8
قوله (كذلك كان بشير) هو بفتح الموحدة بعدها معجمة بوزن فعيل. وهو تابعي جليل ذكر في الصحابة لكونه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ورآه.
قال ابن عبد البر: هذا السياق منقطع عند جماعة من العلماء لأن ابن شهاب لم يقل حضرت مراجعة عروة لعمر , وعروة لم يقل حدثني بشير , لكن الاعتبار عند الجمهور بثبوت اللقاء والمجالسة لا بالصيغ ا هـ.
وقال الكرماني: اعلم أن الحديث بهذا الطريق ليس متصل الإسناد إذ لم يقل أبو مسعود: شاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: هذا لا يسمى منقطعا اصطلاحا , وإنما هو مرسل صحابي لأنه لم يدرك القصة , فاحتمل أن يكون سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم أو بلغه عنه بتبليغ من شاهده أو سمعه كصحابي آخر.
على أن رواية الليث عند المصنف تزيل الإشكال كله , ولفظه ((فقال عروة: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول)) فذكر الحديث.
وكذا سياق ابن شهاب , وليس فيه التصريح بسماعه له من عروة , وابن شهاب قد جرب عليه التدليس , لكن وقع في رواية عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب قال ((كنا مع عمر بن عبد العزيز)) ; فذكره.
وفي رواية شعيب عن الزهري ((سمعت عروة يحدث عمر بن عبد العزيز)) الحديث.
....................... وفي الحديث من الفوائد:
دخول العلماء على الأمراء , وإنكارهم عليهم ما يخالف السنة , واستثبات العالم فيما يستغربه السامع , والرجوع عند التنازع إلى السنة. وفيه فضيلة عمر بن عبد العزيز. وفيه فضيلة المبادرة بالصلاة في الوقت الفاضل. وقبول خبر الواحد الثبت. واستدل به ابن بطال وغيره على أن الحجة بالمتصل دون المنقطع لأن عروة أجاب عن استفهام عمر له لما أن أرسل الحديث بذكر من حدثه به فرجع إليه , فكأن عمر قال له: تأمل ما تقول , فلعله بلغك عن غير ثبت. فكأن عروة قال له: بل قد سمعته ممن قد سمع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , والصاحب قد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم. واستدل به عياض على جواز الاحتجاج بمرسل الثقة كصنيع عروة حين احتج على عمر قال: وإنما راجعه عمر لتثبته فيه لا لكونه لم يرض به مرسلا. كذا قال , وظاهر السياق يشهد لما قال ابن بطال .......
الحديث الرابع والأربعون:
الحج، باب التحميد والتسبيح والتكبير 2/ 163
قال أبو عبد الله
¥