تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فبالرغم من كم الأحاديث الكبير في المسند حيث خرج فيه أحمد _كما سبق_40000 حديث لـ 904 من الصحابة رضي الله عنهم، إلا أنه قد فاته أحاديث كثيرة ومن أبرزها، حديث عائشة رضي الله عنها في قصة أم زرع، فقد ذكر الحافظ العراقي أنه في الصحيح وليس في المسند، وقد نقل ابن الصلاح القول بأن المسند لم يقع فيه رواية جماعة من الصحابة الذين في الصحيحين قريبا من مائتين، ولكن الشيخ أحمد شاكر يعترض على هذا القول في الباعث الحثيث ويصفه بالغلو الشديد، ويقول: بل نرى أن الذي فات المسند من الأحاديث شيء قليل، وأكثر ما يفوته من حديث صحابي معين يكون مرويا عنده من حديث صحابي آخر. وقد أجاب الذهبي عن قول حنبل بقوله: (هذا القول منه على غالب الأمر، وإلا فلنا أحاديث قوية في الصحيحين والسنن والأجزاء، ما هي في المسند).

وإجابة السؤال الثاني:

اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

¨ أن جمبع ما في المسند صحيح وهو قول الحافظ أبي موسى محمد بن أبي بكر المديني والحافظ مغلطاي والسيوطي، وقال السيوطي بأن الأحاديث الضعيفة، في المسند، تقترب من درجة الحسن، وعلى هذا فهي لا تخرج عن دائرة القبول.

¨ فقد ذهب بعض العلماء إلى أن في المسند أحاديث ضعيفة بل وموضوعة وقد زعم ابن الجوزي أن في المسند 29 حديثا موضوعا (مع ملاحظة أن ابن الجوزي متسرع في الحكم بالوضع، لدرجة أنه حكم على حديث في صحيح مسلم بالوضع)، من أبرزها، حديث دخول عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الجنة حبوا، لأن ماله حبسه، فقد تكلم ابن الجوزي على نكارة متن هذا الحديث، (وهذه عادته في كتابه الموضوعات، حيث أن منهجه في كتابه الموضوعات يعتمد بالدرجة الأولى على نكارة المتن)، وقال بأن هذا المتن، قد يفرح به الصوفية وجهلة المتعبدين، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصبغ بالسواد، وسيأتي الكلام عليه بالتفصيل، وزاد عليها العراقي 9 أحاديث وجمعها في جزء، وقال العراقي في شرحه لكتاب ابن الصلاح: وأما وجود الضعيف فيه (أي المسند) فهو محقق، بل فيه أحاديث موضوعة، وقد جمعتها في جزء. اهـ، وقد ضعف الإمام أحمد نفسه أحاديث فيه وذكر بعض الأمثلة لهذه الموضوعات كأحاديث فضائل مرو وعسقلان والبرث الأحمر عند حمص، وجدير بالذكر أن ابن حجر ألف رسالة في الرد على ما زعمه ابن الجوزي من موضوعات في المسند وسماها (القول المسدد في الذب عن المسند)، ولكن بعض الباحثين قال بأن في رد ابن حجر تكلف، وقد تكلم الشيخ سعد الحميد حفظه الله، عن صنيع الحافظ في القول المسدد، بتفصيل جيد، حيث قسم دفاع الحافظ عن أحاديث المسند المتكلم فيها إلى 3 أقسام:

§ قسم يكون دفاع الحافظ فيه، في غاية الجودة، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: (يكون في آخر أمتي أقوام يصبغون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة)، فهذا الحديث صحيح وقد أخرجه أحمد وغيره، وأما ابن الجوزي فقد استنكر بعض ألفاظ المتن، فتكلف إيجاد علة لهذا الحديث، وأعله بوجود راو في سنده يدعى عبد الكريم فقال هو عبد الكريم بن أبي المخارق الضعيف والرد عليه من وجهين:

o أن الراوي وإن كان ابن أبي المخارق، فليس هذا كافيا للحكم على الحديث للوضع، لأن الضعيف أحسن حالا من الكذاب أو المتهم بالكذب الذي يغلب على الظن أن حديثه موضوع.

o أن عبد الكريم المذكور في سند الحديث هو عبد الكريم الجزري الثقة، وقد عرف ذلك، من معرفة شيوخ عبد الكريم بن أبي المخارق الضعيف، وعبد الكريم الجزري الثقة، وتلاميذهما، فقد اشتركا في شيوخ رويا عنهم، وتلاميذ يروون عنهما، والناظر في سند هذا الحديث يتضح له أن عبد الكريم المذكور فيه، يروي عن شيخ مشترك لهما، ولكن الراوي عنه، وهو عبيد الله بن عمر الرقي، لا يروي إلا عن عبد الكريم الجزري الثقة، فعرف بذلك أنه الثقة، ثم إنه قد وجد في بعض طرق الحديث، عند أبي داود، وعند البيهقي في كتاب الآداب، وعند البغوي في شرح السنة، التصريح بأنه عبد الكريم الجزري الثقة، فزال الإشكال بذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير