تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم رأيت الشيخ أحمد بن محمد عز الدين بن عبدالسلام نقل أثر ابن عباس هذا في كتابه "النصيحة بما أبدته القريحة" عن تفسير الجاربردي , وقال: (ومثل هذا ينبغي أن يحمل على التهديد , لما تقرر أن ذلك ليس من الأركان والشرائط).

ثم استدل على ذلك بالحديث المتقدم: (ستمنعه صلاته) , واستصوب الشيخ أحمد كلام الجاربردي هذا , وقال: (لا يصح حمله على ظاهره , لأن ظاهره معارض بما ثبت في الأحاديث الصحيحة المتقدمة من أن الصلاة مكفرة للذنوب , فكيف تكون مكفرة , ويزداد بها بعداً؟ هذا مما لا يعقل).

ثم قال: (قلت: وحمل الحديث على المبالغة والتهديد ممكن على اعتبار إنه موقوف على ابن عباس أو غيره , وأما على اعتبار كلامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فهو بعيد عندي والله أعلم).

قال (ويشهد لذذلك ما ثبت في البخاري أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة , فذكر ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فأنزل الله تعالى (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات) هود114.

ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قال في بعض فتاواه: (هذا الحديث ليس بثابت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لكن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر كما ذكر الله في كتابه , بكل حال فالصلاة لا تزيد صاحبها بعداً , بل الذي يصلي خير من الذي لا يصلي , وأقرب إلى الله منه , وأن كان فاسقاً).

قلت: فكأنه يشير إلى تضعيف الحديث من حيث معناه أيضاً وهو الحق.

وقد نقل الذهبي في "الميزان" عن ابن الجنيد أنه قال في هذا الحديث: (كذب وزور).

الإقامة للصلاة

35 - (من أذن , فليقم) لا أصل له بهذا اللفظ.

وإنما روي بلفظ: (من أذن فهو يقيم) وهو حديث ضعيف.

ومن آثار هذا الحديث السيئة أنه سبب لإثارة النزاع بين المصلين , كما وقع ذلك غيرما مرة , وذلك حين يتأخر المؤذن عن دخول المسجد لعذر , ويريد بعض الحاضرين أن يقيم الصلاة , فما يكون من أحدهم إلا أن يعترض عليه محتجاً بهذا الحديث , ولم يدر المسكين أنه حديث ضعيف لا يجوز نسبته إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فضلاً عن أن يمنع به الناس من المبادرة إلى طاعة الله تعالى , ألا وهي إقامة الصلاة.

كيفية الأذان

71 - (التكبير جزم) لا أصل له.

كما قال الحافظ ابن حجر , والسخوي , وكذا السيوطي , وله رسالة خاصة في الحديث في كتابه "الحاوي للفياوي" وقد بين فيها أنه من قول إبراهيم النخعي , وأن معنى قوله: (جزم): (لا يمد) , ثم ذكر قول من فسره بأنه لا يعرب , بل يسكن آخره , ثم رده من وجوه ثلاثة أوردها , فليراجعها من شاء.

ثم أن الحديث , مع كونه لا أصل له مرفوعاً , وإنما هو من قول إبراهيم , فإنما يريد به التكبير في الصلاة , كما يستفاد من السيوطي في الرسالة المشار إليها فلا علاقة له بالأذن كما توهم بعضهم , فإن هناك طائفة من المنتمين للسنة في مصر وغيرها تؤذن كل تكبيرة على حدة: (الله أكبر) , (الله أكبر) , عملاً بهذا الحديث زعموا , والتأذين على هذه الصفة مما لا أعلم له أصلاً في السنة , بل ظاهر الحديث الصحيح خلافه , فقد روى مسلم في "صحيحه" من حديث عمر بن الخطاب مرفوعاً (إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر , فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر , ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله , قال: أشهد أن لا إله إلا الله ..... الحديث).

ففيه إشارة ظاهرة إلى أن المؤذن يجمع بين كل تكبيرتين , وأن السامع يجيبه كذلك , وفي "شرح صحيح مسلم" للنووي ما يؤيد هذا فليراجعه من شاء.

ومما يؤيد ذلك ما ورد في بعض الأحاديث أن الأذان كان شفعاً شفعاً.

تحية المسجد والإمام يخطب

87 - (إذا صعد الخطيب المنبر , فلا صلاة , ولا كلام) باطل.

قد اشتهر بهذا اللفظ على الألسنة , وعلق على المنابر , ولا أصل له وإنما رواه الطبراني في "الكبير" عن ابن عمرو مرفوعاً بلفظ: (إذا دخل أحدكم المسجد والإمام على المنبر , فلا صلاة , ولا كلام , حتى يفرغ الإمام).

وفيه أيوب بن نهيك قال ابن حاتم في "الجرح والتعديل": (سمعت أبي يقول: هو ضعيف الحديث , سمعت أبا زرعة يقول: لا أحدث عن أيوب بن نهك , ولم يقرأ علينا حديثه , وقال: منكر الحديث).

وقال الهيثمي: (وهو متروك , ضعفه جماعة ... ).

ولهذا قال الحافظ في "الفتح": (إنه حديث ضعيف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير