تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأخرجه البيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: (خروج الإمام يوم الجمعة للصلاة يقطع الكلام) , وقال: (رفعه خطاً فاحش , وإنما هو من كلام سعيد بن المسيب , أو الزهري) , وأقره الزيلعي.

وإنما حكمت على الحديث بالبطلان , لأنه - مع ضعيف سنده – يخالف حديثين صحيحين:

الأول: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام , فيصل ركعتين) , أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحهما" من حديث جابر , وفي رواية أخرى عنه قال: (جاء سليك الغطفاني ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب , فقال له: يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما , ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة , والإمام يخطب , فليركع ركعتين , وليتجوز فيهما) , أخرجه مسلم وغيره , وهو مخرج في "صحيح أبي داود".

والآخر: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة , والإمام يخطب , فقد لغوت) , متفق عليه , وهو مخرج في "الإرواء".

فالحديث الأول صريح بتأكد أداء الركعتين بعد خروج الإمام , بينما حديث الباب ينهى عنهما , فمن الجهل البالغ أن ينهى بعض الخطباء عنهما من أرد أن يصليهما وقد دخل والإمام يخطب , خلافاً لأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وإني لأخشى على مثله أن يدخل في وعيد قوله تعالى: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى) العلق 10,9 , وقوله: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النور63 , ولهذا قال النووي رحمه الله: (هذا نص لا يتطرق إليه التأويل , ولا أظن عالماً يبلغه ويعتقده صحيحاً فيخالفه).

والحديث الآخر يدل بمفهوم قوله: (والإمام يخطب) , أن الكلام والإمام لا يخطب لا مانع منه , ويؤيده جريان العمل عليه في عهد عمر رضي الله عنه , كما قال ثعلبة بن أبي مالك: (إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر, حتى يسكت المؤذن , فإذا قام عمر على المنبر , لم يتكلم أحد حتى يقضي خطبتيه كلتيهما).

أخرجه مالك , والطحاوي , والسياق له وابن أبي حاتم , وإسناد الأولين صحيح.

فثبت بهذا أن كلام الإمام هو الذي يقطع الكلام , لا مجرد صعوده على المنبر , وأن خروجه عليه لا يمنع من تحية المسجد , فظهر بطلان حديث الباب , والله تعالى هو الهادي للصواب.

العمامة من سنن العادة لا من سنن العبادة

127 - (صلاة بعمامة تعدل خمساً وعشرين صلاة بغير عمامة , وجمعة بعمامة تعدل سبعين جمعة بغير عمامة. إن الملائكة ليشهدون الجمعة معتمين , ولا يزالون يصلون على أصحاب العمائم حتى تغرب الشمس) موضوع.

128 - (ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة بلا عمامة) موضوع.

129 - (الصلاة في العمامة تعدل بعشرة آلاف حسنة) موضوع.

ولا شك عندي في بطلان هذا الحديث , وكذا الحديثين قبله لأن الشارع الحكيم يزن الأمور بالقسطاس المستقيم , فغير معقول أن يجعل أجر الصلاة في العمامة مثل أجر صلاة الجماعة , بل أضعاف أضعافها , مع الفارق الكبير بين حكم العمامة وصلاة الجماعة فإن العمامة غاية ما يمكن أن يقال فيها: إنها مستحبة , والراجح أنها من سنن العادة لا من سنن العبادة , أما صلاة الجماعة , فأقل ما قيل فيها: نها سنة مؤكدة. وقيل إنها ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها. والصواب أنها فريضة تصح الصلاة بتركها مع الإثم الشديد , فكيف يليق بالحكيم العليم أن يجعل ثوابها مساوياً لثواب الصلاة في العمامة , بل دونها بدرجات؟ ولعل ابن حجر لا حظ هذا المعنى حين حكم على الحديث بالوضع.

ومن آثار هذه الأحاديث السيئة , وتوجيهاتها الخاطئة , أننا نرى بعض الناس حين يريد الدخول في الصلاة يكور على رأسه أو طربوشه منديلاً , لكي يحصل بزعمه على هذا الأجر المذكور , مع أنه لم يأت عملاً يطهر به نفسه ويزكيها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير