تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وفي حكم السارية المنبر الطويل ذو الدرجات الكثيرة، فإنه يقطع الصف الأول، وتارة الثاني أيضاً؛ قال الغزالي في " الإحياء " (2/ 139): (إن المنبر يقطع بعض الصفوف، وإنما الصف الأول الواحد المتصل الذي في فناء المنبر، وما على طرفيه مقطوع، وكان الثوري يقول: الصف الأول، هو الخارج بين يدي المنبر، وهو متجه؛ لأنه متصل، ولأن الجالس فيه يقابل الخطيب ويسمع منه).

قلت: وإنما يقطع المنبر الصف إذا كان مخالفاً لمنبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان له ثلاث درجات، فلا ينقطع الصف بمثله، لأن الإمام يقف بجانب الدرجة الدنيا منها، فكان من شؤم مخالفة السنة في المنبر الوقوع في النهي الذي في هذا الحديث.

ومثل ذلك في قطع الصف المدافىء التي توضع في بعض المساجد وضعاً يترتب منه قطع الصف؛ دون أن ينتبه لهذا المحذور إمام المسجد أو أحد من المصلين فيه؛ لِبُعْد الناس أولاً عن التفقه في الدين، وثانياً لعدم مبالاتهم بالابتعاد عما نهى عنه الشارع وكرهه.

وينبغي أن يُعلَم أن كل من سعى إلى وضع منبر طويل قاطع للصفوف، أو يضع المدفئة التي تقطع الصف؛ فإنه يخشى أن يلحقه نصيب وافر من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (. . . ومن قطع صفاً قطعه الله)، أخرجه أبو داود بسند صحيح؛ كما بينته في صحيح أبي داود (رقم 672))

مشروعية الإقعاء

383 - (من السنة في الصلاة أن تضع أليتيك على عقبيك بين السجدتين).

أخرجه الطبراني: حدثنا أحمد بن النضر العسكري: حدثنا عبدالرحمن بن عبيدالله الحلبي: نا سفيان بن عيينة عن عبدالكريم عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (فذكره).

وأخرج الطبراني عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوساً يقول: (قلت لابن عباس في الإقعاء على القدمين؟ قال: هي السنة , فقلت إنا لنراه جفاء بالرجل , قال هي سنة نبيك) , وقد أخرجه مسلم وأبوعوانة , والبيهقي من طريق أخرى عن ابن جريج به.

وهذا سند صحيح.

وله طريق أخرى عن ابن عباس رضي الله عنه يرويه ابن إسحاق قال: حدثني – عن انتصاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عقبيه وصدر قدميه بين السجدتين إذا صلى – عبدالله بن أبي نجيح المكي عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج قال: سمعت عبدالله بن عباس يذكره. قال: فقلت له: يا أباالعباس , والله إن كنا لنعد هذا جفاء ممن صنعه , قال: فقال " إنها سنة " أخرجه البيهقي.

قلت وإسناده حسن.

ثم روى بإسناد آخر صحيح عن أبي زهير معاوية بن حديج قال: (رأيت طاوساً يقعي , فقلت: رأيتك تقعي , قال: ما رأيتني أقعي , ولكنها الصلاة , رأيت العبادلة الثلاثة يفعلون ذلك: عبدالله بن العباس , وعبدالله بن عمر , وعبدالله بن الزبير , يفعلونه , قال أبو زهير: وقد رأيته يقعي).

قلت: ففي الحديث وهذه الآثار دليل على شرعية الإقعاء المذكور , وأنه سنة يتعبد بها , وليست للعذر كما زعم بعض المتعصبة , وكيف يكون كذلك وهؤلاء العبادلة اتفقوا على الإيتان به في صلاتهم , وتبعهم طاوس التابعي الفقه الجليل , وقال الإمام أحمد في "مسائل المروزي": وأهل مكة يفعلون ذلك.

فكفى بهم سلفاً لمن أراد أن يعمل بهذه السنة ويحييها.

ولا منافاة بينها وبين السنة الأخرى – وهي الافتراش – بل كل سنة , فيفعل تارة هذه , وتارة هذه , اقتداء به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وحتى لا يضيع عليه شئ من هديه عليه الصلاة والسلام.

النائم عن الصلاة أو الناسي لها لا تسقط عنه الصلاة

396 - (كان في سفره الذي ناموا فيه حتى طلعت الشمس، فقال: إنكم كنتم أمواتا فرد الله إليكم أرواحكم، فمن نام عن صلاة؛ فليصلها إذا اسيقظ، ومن نسي صلاة؛ فليصل إذا ذكر).

وقد جاء معناه هذا الحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أنس وغيره من الصحابة , وفي حديثه زيادة: (لا كفارة لها إلا ذلك).

في الحديث دلالة على أن النائم عن الصلاة أو الناسي لها لا تسقط عنه الصلاة , وأنه يجب عليه أن يبادر إلى أدائها فور الاستيقاظ أو التذكر لها.

ودلت زيادة أنس رضي الله على أن ذلك هو الكفارة , وأنه إن لم يفعل فلا يكفره شئ من الأعمال , اللهم إلا التوبة النصوح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير