وفيه تنبيه هام إلي وجوب أداء الصلاة بعد طلوع الفجر الصادق، وهذا ما اخل به المؤذنون في كثير من العواصم- منها عمان-فإن الأذان الموحد فيها يرفع قبل الفجر بنحو نصف ساعة بناء على التوقيت الفلكي، وهو ثابت بالمشاهدة وكذلك في كثير من البلاد الأخرى كدمشق والجزائر والمغرب والكويت والمدينة والطائف.والله المستعان.
مشروعية الدعاء في التشهد الأول
878 - (إِذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَقُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثم َلْيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ).
أخرجه النسائي (1/ 174)، وأحمد (1/ 437)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (3/ 55/1) من طريق شعبة قال: أنبأنا ابوأسحاق: أنا أبو الأحوص عن عبدالله قال:
((كنا لا ندري ما نقول في الركعتين؛ غير أن نسبح، ونكبر، ونحمد ربنا، وإن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم علم فواتح الخير وخواتمه، فقال:)) فذكره.
قلت وهذا إسناد صحيح متصل على شرط مسلم.
وتابعه إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق: حدثني أبي عن أبي إسحاق: أخبرني أبوالأحوص والأسود بن يزيد وعمرو بن ميمون وأصحاب عبدالله أنهم سمعوه يقول: فذكره.
أخرجه الطبراني: حدثنا عبدالله بن حنبل ومحمد بن عبد الله الحضرمي قالا: نا عبد الله بن محمد بن سالم القزاز: نا إبراهيم.
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير القزاز هذا قال الحافظ:
((ثقة ربما خالف))
وفي الحديث فائدة هامة؛ وهي مشروعية الدعاء في التشهد الأول، ولم أر من قال به من الأئمة غير ابن حزم، والصواب معه، وإن كان هو استدل بمطلقات يمكن للمخالفين ردها بنصوص أخرى مقيدة، أما هذا الحديث فهو في نفسه نص واضح مفسر لا يقبل التقليد، فرحم الله امرأً أنصف واتبع السنة.
والحديث دليل من عشرات الأدلة على أن الكتب المذهبية قد فاتها غير قليل من هدى خير البرية صلى الله عليه وسلم؛ فهل ما يجمل المتعصبة على الاهتمام بدراسة السنة، والاستنارة بنورها؟ لعل وعسى.
(تنبيه):وأما حديث:
((كان لا يزيد في الركعتين على التشهد)).
فهو منكر كما حققته في ((الضعيفة)) (5816).
كتاب الزكاة
لا زكاة على غير المؤمن
142 – (على المؤمنين في صدقة الثمار _ أو مال العقار _ عشر ما سقت العين وما سقت السماء، وعلى ما يسقى بالغرب نصف العشر).
إنما أوردت هذه الرواية بصورة خاصة , لقوله في صدرها: (على المؤمنين) , ففيه فائدة هامة لا توجد في سائر الروايات , قال البيهقي: (وفيه كالدلالة على أنها لا تؤخذ من أهل الذمة).
قلت: وكيف تؤخذ منهم وهم على شركهم وضلالهم؟ فالزكاة لا تزكيهم وإنما تزكي المؤمن المزكى من دون الشرك كما قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) التوبة103 , فهذه الآية تدل دلالة ظاهرة على أن الزكاة إنما تؤخذ من المؤمنين , لكن الحديث أصرح منها دلالة على ذلك.
وإن من يدرس السيرة النبوية , وتاريخ الخلفاء الراشدين , وغيرهم من خلفاء المسلمين وملوكهم , يعلم يقيناً أنهم لم يكونوا يأخذون الزكاة من غير المسلمين المواطنين , وإنما كانوا يأخذون منهم الجزية كما ينص عليها الكتاب والسنة.
فمن المؤسف أن ينحرف بعض المتفقهة عن سبيل المؤمنين باسم الإصلاح تارة , والعدالة الاجتماعية تارة , فينكروا ما ثبت في الكتاب والسنة , وجرى عليه عمل المسلمين , بطرق من التأويل أشبه ما تكون بتأويلات الباطنيين من جهة , ومن جهة أخرى يثبتون ما لم يكونوا يعرفون , بل ما جاء النص بنفيه , والأمثلة على ذلك كثيرة وحسبنا الآن هذا المسألة التي دل عليها هذا الحديث وكذا الآية الكريمة.
فقد قرأنا وسمعنا أن بعض الشيوخ اليوم يقولون بجواز أن تأخذ الدولة الزكاة من أغنياء جميع المواطنين , على أختلاف أديانهم , مؤمنهم وكافرهم , ثم توزع على فقرائهم , دون أي تفريق.
¥