أخرجه أبودود (4254)، والطحاوي في ((مشكل الآثار)) (1/ 235و236)، والحاكم (4/ 521)، وأحمد (1/ 393)، وأبو يعلى في ((المسند)) أيضاً (ق255/ 1)، وابن الأعرابي في ((معجمه)) (ق141/ 2)، وابن عدي في ((الكامل)) (ق91/ 1)، والخطيب في ((الفقيه والمتفقه)) (ق63/ 2)، والخطابي في ((غريب الحديث)) (ق116/ 2 - 117/ 1) من طرق عن منصور به. وقال الحاكم:
((صحيح الإسناد) 9، ووافقه الذهبي.
قلت: وهو كما قالا، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير البراء بن ناجية وهو ثقة.
الثانية: عن قاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عنه مرفوعاً به دون قوله: ((قلت ... )).
أخرجه أحمد (1/ 390و451)، وأبو يعلى (8/ 425/5009و9/ 201/5298 - ط) والطحاوي وابن الأعرابي، وابن حبان في ((صحيحه)) (1865 - موارد)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (10/ 211/10356)، والخطابي من طرق عنه.
قلت: وهذا سند صحيح أبضاً على شرط الشيخين؛ على ما في سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه من الاختلاف، والراجح عندي أنه سمع منه؛ كما هو مبين في غير هذا الموضع.
الثالثة: عن شريك عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عنه.
أخرجه الطحاوي، والطبراني (10/ 195/10311).
(فائدة):قال الخطيب رحمه الله تعالى:
((قوله: ((تدور رحى الإسلام)) مثل؛ يريد أن هذه المدة إذا انتهت حدث في الإسلام أمر عظيم، يخاف لذلك على أهله الهلاك، يقال للأمر إذا تغير واستحال: قد دارت رحاه، وهذا _ والله أعلم _ إشارة إلى انقضاء مدة الخلافة.
وقوله: ((يقم لهم دينهم))، أي: ملكهم وسلطانهم، والدين: الملك والسلطان، ومنه قوله تعالى ((ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك))،وكان بين مبايعة الحسن بن علي معاوية بن أبي سفيان _ إلى انقضاء ملك بني أمية من المشرق _ نحواً من سبعين سنة)).
وقال الطحاوي رحمه الله تعالى:
((وقوله: ((بعد خمس وثلاثين، أو ست وثلاثين ... )) ليس ذلك على الشك، ولكن يكون ذلك فيما يشاء الله عز وجل من تلك السنين، فشاء عز وجل أن كان ذلك في سنة خمس وثلاثين، فتهيأ فيها على المسلمين حصر إمامهم، وقبض يده عما يتولاه عليهم؛ مع جلالة مقداره؛ لأنه من الخلفاء الراشدين المهديين، وحتى كان ذلك سبباً لسفك دمه رضوان الله عليه، وحتى كان ذلك سبباً لوقوع اختلاف الآراء، فكان ذلك مما لو هلكوا عليه لكان سبيل من هلك لعظمه، ولما حل بالإسلام منه، ولكن الله ستر وتلافى، وخلف في أمته من يحفظ دينهم عليهم، ويبقي ذلك لهم)).
كتاب المعاملات والآداب والحقوق العامة
حض الإسلام على استثمار الأرض وزرعها
7 - (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ).
8 - (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إِلَّا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ وَمَا أَكَلَتْ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ وَلَا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ [إلى يوم القيامة]).
يَرْزَؤُهُ: أي ينقصه ويأخذ منه.
9 - (عن أنس رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ و في َيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيغرسها).
رواه أحمد، والطيالسي، والبخاري (في الأدب المفرد)، وابن الأعرابي عن هشام بن زيد عنه.
الفسيلة: هي النخلة الصغيرة , وهي الودية.
ولا أدل على الحض على الاستثمار في هذه الأحاديث الكريمة , لا سيما الحديث الأخير منها , فإن فيه ترغيباً عظيماً على اغتنام آخر فرصة من الحياة في سبيل زرع ما ينتفع به الناس بعد موته , فيجرى له أجره , وتكتب له صدقته إلى يوم القيامة.
وقد ترجم الإمام البخاري في المصدر السابق لهذا الحديث بقوله: (باب اصطناع المال).
ثم روى عن الحارث بن لقيط قال: (كان الرجل منا تنتج فرسه , فينحرها , فيقول: أنا أعيش حتى أركب هذه؟ فجاءنا كتاب عمر أن أصلحوا ما رزقكم الله , فإن في الأمر تنفساً) , وسنده صحيح.
وروي أيضا بسند صحيح عن داود قال: قال لي عبد الله بن سلم: (إن سمعت بالدجال قد خرج وأنت علي ودية تغرسها , فلا تجعل أن تصلحه , فإن للناس بعد ذلك عيشاً).
¥