مجلسه , لم يجلس فيه).
بل ثبت نهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجل أن يقوم للرجل من مجلسه كما تقدم فنتبه.
يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبَ عَلَى الْإِنْسَانِ الشِّعْرُ حَتَّى يَصُدَّهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّه
336 - (لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا).
ورد هذا الحديث عن جماعة من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , منهم أبوهريرة , وعبدالله بن عمر , وسعد بن أبي وقاص , وأبو سعيد الخدري , وعمر , وغيرهم.
1 - أما حديث أبي هريرة , فأخرجه البخاري , وفي" الأداب المفرد " , ومسلم , وأبوداود , والترمذي , وابن ماجه , والطحاوي , وأحمد من طرق عن الأعمش عن أبي صالح عنه , وقد صرح الأعمش بالتحديث في رواية البخاري.
2 - وأما حديث ابن عمر , فأخرجه البخاري في صحيحه , وفي "الأداب المفرد " , والدارمي , وأحمد عن حنظلة عن سالم عنه.
3 - وأما حديث سعد بن أبي وقاص , فأخرجه مسلم , والترمذي , وابن ماجه , وأحمد , وأبو يعلى , وأبو عبيدالقاسم من طرق عن شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن محمد بن سعد عن سعد به.
4 - وأما حديث أبي سعيد , فأخرجه مسلم , وأحمد من لَيْثٌ عَنِ ابْنِ الْهَادِ عَنْ يُحَنَّسَ مَوْلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ عنه به قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ إِذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنْشِدُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا الشَّيْطَانَ أَوْ أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا.
5 - وأما حديث عمر فأخرجه الطحاوي من طريق خلاد بن يحيى قال: ثنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن عمرو بن حريث عن عمر بن الخطاب به , وهذا إسناده صحيح على شرط البخاري.
وفي الباب عن جماعة آحرين من الصحابة , خرج أحاديثهم الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد , فمن شاء الاطلاع عليها فليرجع إليه.
قلت: وكل هذه الأحاديث عن هؤلاء الصحابة موافقة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه , وذلك مما يدل على صدقه وحفظه.
وقد كتبت هذا التحقيق رداً على بعض الشيعة والمتشيعين من المعاصرين الذين يطعنون في أبي هريرة رضي الله عنه أشد الطعن , وينسبونه إلى الكذب على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والافتراء عليه – حاشاه من ذلك – فقد زعم أبوريا من أذنابهم – عاملهم الله بما يستحقون – أن أباهريرة رضي الله عنه لم يحفظ الحديث عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما نطق به , وزعم أن في آخره زيادة لم يذكرها أبوهريرة , وهي: " هجيت به " , وأن عائشة ححفظت ذلك عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وردت به على أبي هريرة , وكل ذلك مما لا يصح إسناده , كما بينته في " سلسلة الأحاديث الضعيفة 1111 ".
ونحن , وإن كنا لا ننكر جواز وقوع النسيان من أبي هريرة – على حفظه – لأنه ليس معصوماً , ولكننا ننكر أشد الإنكار نسبته إلى النسيان – بل الكذب – لمجرد الدعوى وسوء الظن به , وهذا هو المثال بين أيدينا , فإذا كان جائزاً كما ذكرنا أن يكون أبوهريرة لم يحفظ تلك الزيادة المزعومة , فهل يجوز أن لا يحفظها أيضاً أولئك الجماعة من أصحابه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
على أن هذا الحديث في سياقه ما يدل على بطلان تلك الزيادة من حيث المعنى , فإنه لم يذم الشعر مطلقاً , وإنما الإكثار منه , وإذا كان كذلك , فقوله " هجيت به " يعطي أن القليل من الشعر الذي فيه هجاؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جائز , وهذا باطل , وما لزم منه باطل , فهو باطل.
جاء في " فيض القدير ": (وقال النووي: هذا الحديث محمول على التجرد للشعر , بحيث يغلب عليه , فيشغله عن القرآن والذكر , وقال القرطبي: من غلب عليه الشعر , لزمه بحكم العادة الأدبية الأوصاف المذمومة , وعليه يحمل الحديث , وقول بعضهم: عنى به الشعر الذي هجي به هو أو غيره , رد بأن هجوه كفر كثر أو قل , وهجو غيره حرام وإن قل فلا يكون لتخصيص الذم بالكثرة معنى).
¥