في الحديث أدب جميل من آداب الطعام الواجبة , ألا وهو لعق الأصابع ومسح الصحفة بها , وقد أخل بذلك أكثر المسلمين اليوم , متأثرين في ذلك بعادات أوربا الكافرة , وآدابها القائمة على الاعتداد بالمادة , وعدم الاعتراف بخالقها والشكر له على نعمه , فليحذر المسلم من أن يقلدهم في ذلك , فيكون منهم لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ... ومن تشبه بقوم , فهو منهم) , فلا تستعملن الورق المنشاف فتمسح به فمك وأصابعك أثناء الطعام.
وإنما قلت: ( ... الواجبة) , لأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك , ونهيه عن الإخلال به , فكن مؤمناً , يأتمر بأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وينتهي عما نهى عنه , ولا تبال بالمستهزئين الذين يصدون عن سبيل الله من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
392 - (إنه أعظم للبركة. يعني: الطعام الذي ذهب فوره).
أخرجه الدارمي , وابن حبان , والحاكم , وابن أبي الدنيا , والبيهقي عن قرة بن عبدالرحمن عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن أسماء بنت أبي بكر: أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا ثَرَدَتْ غَطَّتْهُ شَيْئًا حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرُهُ ثُمَّ تَقُولُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (فذكره).
تحريم آلات الطرب
427 - (صوتان ملعونان: صوت مزمار عند نعمة , وصوت ويل عند مصيبة).
في الحديث تحريم آلات الطرب , لأن المزمار هو الآلة التي يزمر بها , وهو من الأحاديث الكثيرة التي ترد على ابن حزم إباحته لآلات الطرب , وقد تقدم حديث آخر في ذلك برقم " 90 " , فراجعه فإنه مهم , ولي رسالة في الرد عليه يسر الله لي تبييضها ونشرها.
لا شؤم في شئ
442 - (إِنْ يَكُ مِنْ الشُّؤْمِ شَيْءٌ حَقٌّ فَفِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّار).
والحديث يعطي بمفهومه أن لا شؤم في شيء , لأن معناه: لو كان الشؤم ثابتاً في شيء ما , لكان في هذه الثلاثة , لكنه ليس ثابتاً في شيء أصلاً , وعليه , فما في بعض الرويات بلفظ: (الشؤم في ثلاثة) , أو: (إنما الشؤم في ثلاثة) , فهو اختصار وتصرف من بعض الرواة , والله أعلم.
الحمار الأهلي وكل ذي ناب من الوحوش حرام أكله
475 - (لا تأكل الحمار الأهلي , ولا كل ذي ناب من السباع).
أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " حدثنا علي بن معبد قال: ثنا شبابة بن سوار قال: ثنا أبوزيد عبدالله بن العلاء قال: ثنا مسلم بن مشكم كاتب أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: " أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فقلت: يارسول الله , حدثني ما يحل لي مما يحرم علي؟ فقال: (فذكره) ".
وفي " الصحيحين " و " السنن " وغيرها من طريق أخرى بلفظ: " نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع ".
وله شاهد من حديث أبي هريرة بلفظ:
476 - (كل ذِي نَابَ مِنْ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ).
وفي هذه الأحاديث دليل على أن الحمار الأهلي وكل ذي ناب من الوحوش حرام أكله , وليس مكروهاً فقط , كما زعم بعض المفسرين في هذا العصر , وتأول النهي على أنه للتنزيه , ولما رأى التصريح بالتحريم في حديث أبي هريرة , زعم أنه رواية بالمعنى , ويدفعه أنه إن كانت الرواية بالمعنى من الصحابي – وهو أبو هريرة - , فهو أدرى به ممن بعده , وإن كان يعني أنه من بعض من بعده , فيرده مجيئه بلفظ التحريم من الطريق الأخرى , ويؤكده أن أبا ثعلبة سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َعما يحل له وما يحرم؟ فأجابه بقوله: (لا تأكل ... ) , فهذا نص في أن النهي للتحريم , لأنه هو الذي سأل عنه أبوثعلبة , ولا يصح في النظر السليم أن يكون الجواب عليه: (لا تأكل .... ) , وهو يعنى: يجوز الأكل مع الكراهة.
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا
501 - (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا).
وللحديث شاهدان:
الأول عن ابن عمر مرفوعاً به.
والشاهد الآخر هو:
502 - (كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا عَنْ الْإِرْفَاهِ قُلْنَا وَمَا الْإِرْفَاهُ قَالَ التَّرَجُّلُ كُلَّ يَوْمٍ).
¥