أخرجه النسائي: أَخْبَرَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ كَهْمَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِلًا بِمِصْرَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَإِذَا هُوَ شَعِثُ الرَّأْسِ مُشْعَانٌّ قَالَ مَا لِي أَرَاكَ مُشْعَانًّا وَأَنْتَ أَمِيرٌ قَالَ: (فذكره).
قلت: وهذا إسناد صحيح.
و له طريق أخرى , يرويها الجريري عن عبدالله بن بريدة: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحَلَ إِلَى فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ بِمِصْرَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَمُدُّ نَاقَةً لَهُ فَقَالَ إِنِّي لَمْ آتِكَ زَائِرًا إِنَّمَا أَتَيْتُكَ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ مِنْهُ عِلْمٌ فَرَآهُ شَعِثًا فَقَالَ مَا لِي أَرَاكَ شَعِثًا وَأَنْتَ أَمِيرُ الْبَلَدِ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْإِرْفَاهِ وَرَآهُ حَافِيًا فَقَالَ مَا لِي أَرَاكَ حَافِيًا قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا) , أخرجه أحمد , وأخرجه أبوداود , والنسائي , وليس عند النسائي الأمر بالاحتفاء , وزاد " سئل ابن بريدة عن الإرفاء؟ قال: الترجل ".
غريب الحديث:
1 - الإرفاه: قال في " النهاية ": " هو كثرة التدهن والتنعم , وقيل: التوسع في المشرب والمطعم , أراد ترك التنعم والدعة ولين العيش , لأنه من زي العجم وأرباب الدنيا ".
قلت: والحديث يرد ذلك التفسير , ولهذا قال أبو الحسن السندي في حاشيته على النسائي: " وتفسير الصحابي يغني عما ذكروا , فهو أعلم بالمراد"
قلت: ومثله تفسير عبدالله بن بريدة في رواية النسائي , والظاهر أنه تلقاه عن الصحابي , والله أعلم.
2 - الترجل: هو تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه.
3 - غبا: بكسر المعجمة وتشديد الباء , " أن يفعل يوماً ويترك يوماً , والمراد , كراهة المداومة عليه , وخصوصية الفعل يوماً والترك يوماً غير مراد " قاله السندي.
4 - شعث الرأس: أي متفرق الشعر.
5 - مشعان: بضم الميم وسكون الشين المعجمة وعين مهملة وآخره نون مشددة , هو المتنفش الشعر الثائر الرأس.
6 - يمد ناقة: أي يسيقها مديداً من الماء.
متى يجوز الكذب
545 - (رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْكَذِبِ فِي ثَلَاثٍ فِي الْحَرْبِ وَفِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَقَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ. وفي رواية: حديث الرجل امرأته , وحديث المرأة زوجها).
فقه الحديث:
قال النووي: (قال القاضي: لا خلاف في جواز الكذب في هذه الصور , واختلفوا في المراد بالكذب المباح فيها ما هو؟ فقالت طائفة: هو على إطلاقه , وأجازوا قول ما لم يكن في هذه المواضع للمصلحة , وقالوا: الكذب المذموم ما فيه مضرة , واحتجوا بقول إبراهيم صلى الله عليه وسلم: {بل فعله كبيرهم} {وإني سقيم} وقوله: إنها أختي وقول منادي يوسف صلى الله عليه وسلم: {أيتها العير إنكم لسارقون} قالوا: ولا خلاف أنه لو قصد ظالم قتل رجل هو عنده مختف وجب عليه الكذب في أنه لا يعلم أين هو , وقال آخرون منهم الطبري: لا يجوز الكذب في شيء أصلا. قالوا: وما جاء من الإباحة في هذا المراد به التورية , واستعمال المعاريض , لا صريح الكذب , مثل أن يعد زوجته أن يحسن إليها ويكسوها كذا , وينوي إن قدر الله ذلك. وحاصله أن يأتي بكلمات محتملة , يفهم المخاطب منها ما يطيب قلبه. وإذا سعى في الإصلاح نقل عن هؤلاء إلى هؤلاء كلاما جميلا , ومن هؤلاء إلى هؤلاء كذلك وورى وكذا في الحرب بأن يقول لعدوه: مات إمامكم الأعظم , وينوي إمامهم في الأزمان الماضية: أو غدا يأتينا مدد أي طعام ونحوه. هذا من المعاريض المباحة , فكل هذا جائز. وتأولوا قصة إبراهيم ويوسف وما جاء من هذا على المعاريض. والله أعلم).
¥