تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقد علل النبي صلى الله عليه وسلم قوله)) فقولوا: وعليك)) بأنهم يقولون: السام عليكم. فهذا تعليل يعطي أنهم أذا قالوا: (السلام عليكم) أن يرد عليهم بالمثل: (وعليكم السلام)،ويؤيده الأمر التالي وهو:

الثاني: عموم قوله تعالى: ((وإذا حييتم بتحيةً فحيوا بأحسن منها أو ردوها))،فأنها بعمومها تشمل غير المسلمين أيضاً هذا ما قلته في ذلك المجلس. وأزيد الآن فأقول:

ويؤيد أن الآية على عمومها أمران:

أول: ما أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (1107) والسياق له، وابن جرير الطبري في ((التفسير)) (10039) من طريقين عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال:

((ردوا السلام على من كان يهودياً، أو نصرانياً، أوماجوسياً، ذلك بأن الله يقول:

(وإذا حييتم بتحية ... ) الآية)).

قلت: وسنده صحيح لولا أنه من رواية سماك عن عكرمة، وروايته عنه خاصة مضطربة، ولعل ذلك إذا كانت مرفوعة، وهذه موقوفة كما ترى، ويقويها ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لو قال لي فرعون (بارك الله فيك) قلت: وفيك. وفرعون قد مات.

أخرجه البخاري في ((أدبه)) (1113)،وسنده صحيح على شرط مسلم.

والآخر: قول الله تبارك وتعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين).

فهذه الآية صريحة بالأمر بالإحسان إلى الكفار المواطنين الذين يسالمون المؤمنين ولا يؤذونهم، و العدل معهم، ومما لا ريب فيه أن أحدهم إذا سلم قائلاً بصرحة (السلام عليكم)،فرددناه عليه باقتضاب: (وعليك)،أنه ليس من العدل في شئ بله البر، لأننا في هذه الحالة نسوي بينه وبين من قد يقول منهم: (السام عليكم)،وهذا ظلم ظاهر. والله أعلم. (انظر: الاستدراك4).

ما جاء في لحوم الأضاحي

805 - (كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ عَلَى عَهْدِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ).

أخرجه الإمام أحمد (3/ 309): ثنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن جابر: فذكره.

وبهذا الإسناد أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (4/ 291) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة به.

وتابعه شعبة عن عمرو بن دينار به.

أخرجه الدارمي (2/ 80)،وابن حبان (7/ 569/5901)، وأحمد (3/ 368).

وتابع عمراً ابن جريج فقال: حدثنا عطاء به،ولفظه:

((كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث منى، فأرخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كلوا، وتزودوا. قلت: قال جابر: حتى جئنا المدينة؟ قال: نعم.

هكذا أخرجه مسلم من طريق محمد بن حاتم: حدثنا يحيي بن سعيد عن ابن جريج به.

وخالفه الإمام أحمد فقال ((3/ 317):ثنا يحيى بن سعيد به، إلا أنه قال)) لا)) مكان ((نعم)).

وكذلك أخرجه البخاري والبيهقي عن مسدد: ثنا يحيى به.

وتابعه عمرو بن علي عند النسائي كما في ((الفتح)) (9/ 455).

فهؤلاء الثلاثة من الثقات الحفاظ-أحمد ومسدد، وعمرو بن علي-خالفوا محمد بن حاتم، فقالوا: ((لا)) مكان ((نعم))،ولا شك أن روايتهم أرجح، وهو الذي جزم به الحافظ فقال:

((والذي وقع في (البخاري) وهو المعتمد، وقد نبه على اختلاف البخاري ومسلم في هذه اللفظة الحميدي في (جمعه)،وتبعه عياض، ولم يذكرا ترجيحاً، وأغفل ذلك شراح البخاري أصلاً فيما وقفت عليه)).

وأقول: لكن الحديث قد جاء من طريق غير يحيى عن ابن جريج، وهي طريق عمرو بن دينار عن عطاء بمعنى لفظ حديث محمد بن حاتم كما رأيت.

وعلى ذلك فيكون هناك خلاف أقدم حول هذه للفظة بين عمرو بن دينار من جهة وابن جريج من جهة أخرى، وكلاهما ثقة حافظ، فلا بد من التوفيق بين روايتيهما أو الترجيح، والمصير إلي الأول هو الأصل، وقد حاول ذلك الحافظ ابن حجر فقال عقب ترجيحه السابق لرواية البخاري النافية على رواية مسلم المثبتة:

((ثم ليس المراد بقوله) لا) نفي الحكم، بل مراده أن جابراً لم يصرح باستمرار ذلك منهم حتى قدموا، فيكون على هذا معنى قوله في رواية عمرو بن دينار ((كنا نتزود لحوم الهدي إلي المدينة) أي: لتواجهنا إلي المدينة، ولا يلزم من ذلك بقاؤها معهم حتى يصلوا المدينة. والله أعلم)).

قلت: لكن هناك طرق أخرى عن عطاء تبطل هذا التأويل مع مخالفته للظاهر، منها ما عند ابن أبي شيبة: نا علي عن عبدالملك عن عطاء به بلفظ:

((كنا نبلغ المدينة بلحوم الأضاحي)).

وإسناده صحيح على شرط مسلم.

وتابعه أبو الزبير عن جابر قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير