وهذا كلام اخر للشيخ العثيمين يوضح أن القول بالنهى مطلقا مختلف فيه بين العلماء ثم يذكر امرا اخر مهما وهو أن هذا الحديث لا يدل الا على مدلول واحد وهو الحرمة فيقول رحمه الله تعالى في كتاب الصيام من بلوغ المرام: (عن الصماء بنت بسر رضي الله عنها أن رسول الله ? قال (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغها) رواه الخمسة ورجاله ثقات وهو مضطرب وأنكره مالك وقال أبو داود: إنه منسوخ.
(افترض) كرمضان والفدية والكفارة
(لحاء العنب) قشرة الغصن
ويفعل هذا تحقيقا للفطر
وظاهره تحريم صوم يوم السبت في غير الفرائض لأنه ما دام وصلت إلى حد أنه لا بد أن يأكل لحاء عنب أو عود شجرة فهو للتحريم
واختُلف في صحته
قيل: مضطرب
وقيل: منكر
وقيل: منسوخ
وقيل: شاذ
واختلفوا في حكمه أيضاً فمن لم يصححه لم يعتبره شيئا
ومن صححه أو حسنه قال: لا يجوز صيام يوم السبت إلا فيما افتُرض سواء ضم إلى غيره أم لا، وإذا ثبت هذا الحكم صار لا بد من أن نقول إنه شاذ بلا شك لأن الأحاديث الصحيحة تدل على جواز صوم يوم السبت كحديث أبي هريرة السابق (أو يوماً بعده) وأحسن الأقوال في هذه المسألة ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله إلى أنه يكره إفراده بالصوم ولا يحرم ويؤيد هذا الحديث الذي بعده) انتهى كلامه رحمه الله.
لم يذكر الشيخ رحمه لله أن من قال بالتحريم مطلقا من المتقدمين او المتاخرين بل بعد أن ذكر الخلاف قال (وأحسن الأقوال في هذه المسألة ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله) فهو يذكر اقول العلماء.
والشيخ العثيمين رحمه الله يقول أن الحديث لو صح سنده فهو لا يدل الا على معنى واحد فقط فقال (ومن صححه أو حسنه قال: لا يجوز صيام يوم السبت إلا فيما افتُرض سواء ضم إلى غيره أم لا، وإذا ثبت هذا الحكم صار لا بد من أن نقول إنه شاذ بلا شك لأن الأحاديث الصحيحة تدل على جواز صوم يوم السبت) انتهى كلامه.
فلو كان الحديث يحتمل اكثر من معنى لما قال بعض العلماء عنه بالشذوذ , فكما قال العثيمين رحمه الله , فاذا صح الحديث سندا فهو شاذ لان الحديث واضح الدلالة على حرمة صيام السبت بجميع صوره , نعم قال الشيخ الالباني رحمه الله بكراه صيامه منفردا , ثم قال بالحرمة , وكان سبب ذلك انما هو احاديث اخرى كما هو واضح لك وذلك لمحاولة الجمع معها ومع هذا الحديث.
قال العلامة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مفلح الحنبلي في الفروع (واختار شيخنا أنه لا يكره، وأنه قول أكثر العلماء، وأنه الذي فهمه الأثرم من روايته، وأنه لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى، فالحديث شاذ أو منسوخ).
فقولك في الرد السابق: (كون الأئمة المصححين للحديث حملوا النهي على الكراهة يعني أن الحديث يحتمل هذا?المعنى ـ و إن كان القول بالكراهة خطأ ـ لأن خلاف ذلك يعني أن كل هؤلاء الأئمة لم?يفهموا معنى الحديث مع كون معناه واضحاً كما يقول الشيخ، و هذا بعيد جداً كما أظنك?توافقني، و عندها يكون الحديث على كلام الشيخ بحاجة إلى فهم من سلف لمعرفة الصواب?من المعنيين (.
فالأمر ليس كذلك فالحديث واضح المدلول , وانما اختلاف الائمة من دليل اخر مخالف لهذا الحديث في الحكم , فالسلف لم يختلفوا في معنى الحديث كما تزعم بل حاولوا أن يوافقوا بينه وبين الادلة الاخرى المخالفة له , فالامر يختلف بارك الله فيك.
قال العلامة ابن قيّم الجوزية في تهذيب السنن على هامش عون المعبود (فقد فهم الأثرم من كلام أبي عبد الله أنه توقف عن الأخذ بالحديث، وأنه رخص في صومه، حيث ذكر الحديث الذي يحتج به في الكراهة. وذكر أن الإمام في علل الحديث يحي بن سعيد كان ينفيه وأبى أن يحدث به، فهذا تضعيف للحديث) اهـ.
فالسلف رحمهم الله فهموا الحديث , ولهذا فمنهم من قال بانه ضعيف , اما شاذا او منسوخا , بل منهم من كان لا يحدث به كما مر بك سابقاً.
والخلاصة أن:
1) - كلام الطحاوي عن كلمة الكراهة وانه يقصد بها كراهة التحريم , يوضحه كلامه الاخر في نفس الموضوع.
2) - قصد الشيخ العثيمين رحمه الله بالاختلاف بين العلماء هو الشيخ الالباني , ليس قطعي وانما هو ظني.
¥