تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3. نحن نعرف السبب الذي جعل الشيخ رحمه الله يقول بالحرمة لاحقاً و هو ترجيحه حديث النهي الذي يدل على الحرمة ـ بلا خلاف كما تقول ـ على الأحاديث المبيحة، فما الذي جعله يقول قديماً بالكراهة رغم أنه عد بقية الأحاديث لا تعارضه " كما ادعى الحاكم "؟ بمعنى آخر إذا كانت أحاديث الإباحة لا تعارض حديث النهي عند الشيخ قديماً كما في النقل السابق و كان حديث النهي لا يحتمل سوى معنىً واحد هو الحرمة كما تقول فلماذا قال الشيخ بالكراهة فقط؟ أرجو أن تجيبني.

4. الجدير بالملاحظة أن الترمذي رحمه الله توفي 279 بينما توفي الطحاوي 321 فلماذا يُعدُّ قول الطحاوي " فكرهوا " نقلاً للحرمة عن السلف بينما لا يعد قول الترمذي" و معنى كراهته في هذا " قولاً بالحرمة؟ هل من جواب أخي الكريم؟

قلتَ فالسلف لم يختلفوا في معنى الحديث كما تزعم بل حاولوا أن يوافقوا بينه وبين الادلة الاخرى المخالفة له , فالامر يختلف بارك الله فيك.

و الصواب أنهم لم يختلفوا ـ خلا الترمذي رحمه الله ـ في رد الحديث و تضعيفه و ما كان كذلك لا يحتاج معه لمحاولة التوفيق بينه و بين غيره مما يخالفه، و لو رجعت لمقدمة بحثي لوجدت قائمة بأسماء المصححين و المضعفين تعمدت أن أذكر فيها تواريخ وفاة كل منهم فمنها يتبين لك حكم السلف على الحديث مما لا يحتاج معه إلى جمع و توفيق، أما الترمذي رحمه الله فإن كان حسنه فإنه فهم منه الكراهة استقلالاً دون حاجة لجمع و توفيق كما ذكرتُ آنفاً.

أما استدلالك على فهم السلف للحرمة بالنقل التالي عن ابن القيم فعجيب

قال العلامة ابن قيّم الجوزية في تهذيب السنن على هامش عون المعبود (فقد فهم الأثرم من كلام أبي عبد الله أنه توقف عن الأخذ بالحديث، وأنه رخص في صومه، حيث ذكر الحديث الذي يحتج به في الكراهة. وذكر أن الإمام في علل الحديث يحي بن سعيد كان ينفيه وأبى أن يحدث به، فهذا تضعيف للحديث) اهـ.

و أنت في هذا أخي الكريم تسير على نفس النهج و هو أن كل كراهة تعني التحريم، و لكن للأسف لا تأتي بدليل على هذا الأمر.

أما قولك فالسلف رحمهم الله فهموا الحديث , ولهذا فمنهم من قال بانه ضعيف , اما شاذا او منسوخا , بل منهم من كان لا يحدث به كما مر بك سابقاً.

فكلام مؤسف حقاً لأن معناه سيء جداً و فيه زراية بالسلف ـ أنا أبرئك من أن تكون تقصدها ـ لأن كلامك يعني أن السلف فهموا أن الحديث يعني حرمة صيام السبت و لكنهم لم يرضوا بذلك فقالوا بضعفه أو نسخه أو أبوا أن يحدثوا به، و رغم أنني على يقين أنك لم ترد الإساءة إلا أنني أقول لك أن ما قرأتَه من تفسير لقول بعض العلماء بالنسخ و الشذوذ أنه كان منهم بسبب ورود أحاديث الإباحة فلم يكن منهم مخرجاً للخروج من القول بالحرمة كما قد يظن بل هو مبني على أصول و قواعد العلم، و ربما نأتي إلى الكلام عن هذا الأمر لاحقاً.

أما قولك وعلى هذا اما أن يكون الحديث صحيحاً , وان دلالته على الحكم هى الحرمة مطلقا

أقو ل بارك الله فيك أنا ما بنيت بحثي إلا على التسليم بصحة الحديث و قد ذكرتُ فيه الإشكالات التي تعترض القول بالحرمة على فرض ثبوت صحته، فلا داعي للاستعجال في إطلاق الأحكام، بل إن شئت فاعتبر ما أذكره من إشكالات مجرد شبهات تحتاج منك للرد، و هذا يحتاج إلى صبر و أناة.

أما قولك وأما أن يكون الحديث شاذا أو منسوخا , وهذا ما سنقوم بالمباحثة فيه لاحقاً.

فإنني أرجو منك أن تلتزم بما طالبتني به والتزمتُ به و هو أن نبحث جوانب الموضوع فقرة فقرة حتى نحصل على الفائدة المرجوة، كما أنني أرجو أن يقتصر التباحث بيننا على الجانب الفقهي أما الجانب الحديثي فمن شاء أن يطلع على حجج القائلين بالشذوذ فعليه ببحث الشيخ الفاضل زياد التكلة على الرابط التالي

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...223#post136223

و بناء عليه أطلب منك ما يلي:

1. بالنسبة لسلف القول بالحرمة: أن تناقش الاعتراضات المطروحة على النقول التي استشهدتَ بها، و أن تأتي بقرائن أو أقوال قطعية الدلالة لا أن تكون محتملة لأكثر من معنى، و التركيز على كلام الطحاوي رحمه الله ـ لأنه الأصل الذي اعتمد عليه الألباني رحمه الله فلو صح عنده شيء مما تحاول الاعتماد عليه لذكره ـ وقد خيرتك بين ثلاثة خيارات لا رابع لها على مقتضى القسمة العقلية.

2. بيان رأيك فيما ذكره محاورك تعليقاً على تنزيل كلام الشافعي رحمه الله على مسألتنا، أعني كون الحديث حجة بنفسه.

3. ذكر ما لديك بشأن الإشكال الثاني ـ على ترتيبك ـ أعني به فهم راوي الحديث، مع رجاء مراجعة ما ذكرتُه في بحثي حفاظاً على أوقاتنا و جهودنا.

و في الختام أدعو الله عز و جل أن يهديني و إياك و جميع إخواننا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه سبحانه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، و صل اللهم على عبدك و نبيك محمد و على آله وصحبه وسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير