تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2. لقد سمعتُ أو قرأتُ من بعض الأخوة ـ و لستُ أذكر أين ـ التصريح بهذا المعنى السيء للأسف فوجدتُ لزاماً أن أنبه.

3. هو بعض ما ذكره لك الأخوة الذين تحدثتَ عنهم في ردك الأخير.

4. أما كلامك عن الشذوذ فأنا كنتُ أود أن أتحدث عن السبب الذي حمل بعض العلماء على القول بالشذوذ لاحقاً كما قلتُ في ردي السابق، و لكن قد يحسن الكلام الآن و قد كنتُ ذكرتُه في موضعه في بحثي (الإعلام) و نصه: "الذين قالوا بشذوذ الحديث أو نسخه قد أقروا ضمناً بصحة سنده، لكن لما رأوا متنه مخالفاً للجم الغفير من الأحاديث المبيحة لصيام السبت ولم يجدوا سبيلاً لحمل حديث النهي على معنىً تزول به مخالفته الظاهرة لأحاديث الإباحة، قالوا أنه شاذ غير محفوظ أو قالوا أنه منسوخ بتلك الأحاديث، يدل على ذلك قول ابن تيمية في الاقتضاء ج1/ 263:

(واحتج الأثرم بما دل من النصوص المتواترة على صوم يوم السبت، ولا يقال يحمل النهي على إفراده لأن لفظه لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، والاستثناء دليل التناول وهذا يقتضي أن الحديث يعم صومه على كل وجه وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى فإنه لا إفراد فيه فاستثناؤه دليل على دخول غيره بخلاف يوم الجمعة فإنه بين أنه إنما نهى عن إفراده، وعلى هذا فيكون الحديث إما شاذاً غير محفوظ وإما منسوخاً وهذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صحبوه كالأثرم وأبي داود)

بعبارة أخرى، فإن حديث النهي صحيح الإسناد إلا أنه مخالف للأحاديث الكثيرة المبيحة لصيام السبت، فلو أمكن حمل حديث النهي على النهي عن إفراد السبت بالصيام لزالت هذه المخالفة و لَرُفِعَ التعارض بين الأحاديث، إلا أنهم قالوا أن لفظ حديث النهي لا يقبل حمله على هذا المعنى فيكون الحديث مخالفاً لبقية الأحاديث فيكون حينئذ شاذاً غير محفوظ.

و قولهم عن الحديث أنه شاذ لا يعنون بذلك أن في رواته ضعيفاً أو متهماً، بل رواة الشاذ ثقات، فالشاذ كما قال الشافعي رحمه الله (ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره. إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس) انتهى نقلاً من مقدمة ابن الصلاح. "

و ربما تقول لي أخي الكريم أبا سند أن هذا هو نفس معنى كلامك الذي أنكرتُه عليك، فأقول بارك الله فيك بل هناك فرق جوهري، فأنت جعلتَ لحديث النهي فهماً وحيداً هو الحرمة و أن السلف ما فهموا غيره فلهذا الفهم حكم من حكم عليه بالشذوذ لمخالفته غيره من الأحاديث، أما نقل ابن تيمية عن الأثرم و غيره من العلماء فليس فيه ذكر للحرمة على الإطلاق بل كل الكلام عن " النهي " و عن " حديث النهي " في مقابل أحاديث الإباحة.

إن الإشكال الكبير أخي الكريم أبا سند أنك تعد كلمة نهى تعني حرَّم و كلمة كره تعني حرَّم!

إنني أعرف أنك إن شاء الله تعرف أن النهي قد يعني الحرمة و قد يعني الكراهة، و أن قول كره قد تكون كراهة تحريمية و قد تكون تنزيهية، لكن تصرفك ـ و تصرف الكثيرين من الأخوة غيرك ـ يوحي أنه لا معنى سوى الحرمة، فلماذا هذا التحكم أخي الكريم؟

هناك دعوى أن قول الطحاوي " فكرهوا " تعني " فحرموا "

و هناك دعوى أن قول من قال للزهري " روي عن النبي عليه السلام في كراهته " تعني في حرمته

و هناك دعوى أن سؤال من سأل الإمام أحمد عن " كراهة إفراده " أي عن حرمة إفراده ... إلى غير ذلك

فهذه أخي الكريم كلها دعاوى تحتاج إلى بينات أما أن تعدها بمثابة البدهيات أو المسلمات ثم تبني عليها فليس هذا من الصواب في شيء، لا سيما عندما تحاور من ينازعك في فهمك.

أما قولك نعم الشيخ كان يرى بأن المراد بحديث ابن بسر هو أن تخصه بصيام , وهو واضح , فربما هي زلة.

فتوضيحاً لكلامك: الشيخ كان يرى أن المراد بحديث ابن بسر هو كراهة أن تخصه بصيام.

أنت أخي الكريم تقول: ربما هذا الفهم من الشيخ رحمه الله زلة، فأقول سبحان الله! الفهم الذي يوافق كلام الترمذي و أقوال المذاهب الأربعة بل أقوال الأئمة طوال أربعة عشر قرناً زلة، أما القول الأخير للشيخ رحمه الله فهو الذي صحح كل هذه الزلات، غفر الله لك!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير