فمسألة الأكثر فيها كذا , والأقل فيها كذا , وأنت لم يتبين لك ما هو المراد منها , فهل تتوقف فيها , هذا ما يقول به عاقل , مع العلم انه قد يخطر ببالك أن ما وقع فيه الاحتمال سقط به الاستدلال , وقد رأيت الساحلي يستدل بهذا القاعدة , فهي ليست على إطلاقها , فكثير إن لم اقل أكثر المسائل الفقهية لا يكون الجزم فيها بالحكم , فهل معنى هذا انه لا يحكم على المسألة , وللعلماء كلام مفيد جدا حول هذا القاعدة ليس هذا موضع بسطها.
أما قولك (فأين النقاش و المباحثة أخي الكريم؟!) انتهي كلامه.
فلا ادري كيف تريد المباحثة أخي , بل كثيرا ما تتهمني , ثم تسألني هل أن سلفي أم خلفي؟ وسبب ذلك أنني أقول أن الحديث حجة بنفسه , وأنني أقول ليس من الضروري معرفة ما إذا عمل بهذا الحديث احد من السلف أو لا،أقول ليس من الضروري معرفة أن أحدا من السلف عمل بهذا الحديث , ومعني ذلك وهذا واضح أنني لا أقول ليس من الضروري أن يعمل بهذا الحديث احد من السلف , فالذي ليس ضروري هي معرفتنا بمن عمل به , ولهذا قال ابن القيم كما نقلت لك (واعلم أنه قد قال به قائل قطعاً ولكن لم يصل إليك) انتهى.
فانا أخي الكريم سلفي , والحمد لله على هذه النعمة , ولأنني سلفي وسمعت كلام ابن القيم وهو (إذا كان عند الرجل الصحيحان أو أحدهما أو كتاب من سنن رسول الله موثوق بما فيه فهل له أن يفتي بما يجده؟، فقالت طائفة من المتأخرين: ليس له ذلك لأنه قد يكون منسوخاً أو له معارض أو يفهم من دلالته خلاف ما دل عليه فلا يجوز له العمل ولا الفتيا به حتى يسأل أهل الفقه والفتيا. وقال طائفة بل له أن يعمل به ويفتي به بل يتعين عليه كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث عن رسول الله وحدث به بعضهم بعضاً بادروا إلى العمل به من غير توقف ولا بحث عن معارض ولا يقول أحد منهم قط: هل عمل بهذا فلان وفلان، ولو رأوا من يقول ذلك لأنكروا عليه أشد الإنكار وكذلك التابعون وهذا معلوم بالضرورة لمن له أدنى خبرة بحال القوم وسيرتهم وطول العهد بالسنة، وبعد الزمان وعتقها لا يسوغ ترك الأخذ بها والعمل بغيرها ولو كانت سنن رسول الله لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان أو فلان لكان قول فلان أو فلان عياراً على السنن، ومزكيا لها، وشرطاً في العمل بها، وهذا من أبطل الباطل وقد أقام الله الحجة برسوله دون آحاد الأمة وقد أمر النبي بتبليغ سنته ودعا لمن بلَّغها، فلو كان من بلغته لا يعمل بها حتى يعمل بها الإمام فلان والإمام فلان لم يكن في تبليغها فائدة وحصل الاكتفاء بقول فلان وفلان) انتهى.
وأما عن تفريقك بين العمل بالحديث , وفهم الحديث , فهذا أمر غريب أنت متمسك به جدا , وانظر إلى قول ابن القيم في كلامه السابق (وقال طائفة بل له أن يعمل به ويفتي به بل يتعين عليه كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث عن رسول الله) انتهي , فكيف يفتي بهذا الحديث , إذا لم يكن يفهم معناه , الشيخ ابن القيم لم يفرق هذا التفريق العجيب.
أما بخصوص ردك على كلمة زلة وأنها مني , فلا أريد أن أرد عليها ففي كلامك من العجب ما يلاحظه كل قارئ- منصف- ولكنها ليست متعلقة ببحثنا وفيها من الإطالة ما يفسد موضوع البحث.
أما عن الأمر الأخر وعن تعجبي من سؤالك , فأنا ما زلت في عجبي بل ويزداد عجبي عجبا عندما تتعجب من عجبي.
الأخ الكريم: ما هذا السؤال , وكيف تريدني أن أجيبك على أمر أنا بنفسي لا أستطيع أن اعرف ماذا سيكون جوابي , أخي الكريم , هل سأقول لك أنني إذا كان الأمر كما قلت أو فلنقل كما تخيلت لان ما تخيلته لم يحدث , وهذا حكمة الله عز وجل , بان يهئ لنا مثل الشيخ الالبانى رحمه الله ويقول بهذا القول , فهل تريدني أن أقول لك أنني سأقول بغير ما أقول به الآن , فسأكون غير محق , وان قلت لك , سأقول بخلافه فسأكون غير محق أيضا , بل سأقول لك إن لم يقل الشيخ الألباني بهذا القول فسيهيئ الله عز وجل غير الشيخ الألباني من يقول بهذا القول وأنا اتبعه عليه , لأنني وبكل بساطة لا اتبع الشيخ الألباني في ذاته , وإنما اتبع ما جاء به من دليل فانا اتبع قوله صلى الله عليه وسلم (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) , ولن تقول بالتاكيد لو لم يقل الرسول ذلك هل ستقول به , فان قلت , فمن فهم من السلف ما فهمه الشيخ الألباني فأقول لك نرجع إلى موضوع بحثنا من جديد , ونبدأ من الصفر كما يقال , ولهذا أخي الكريم أنا متعجب من هذا السؤال وما زلت وسأبقى متعجبا.
و الآن و بعد أخذ و رد في هذا الموضوع والذي نسأل الله عز وجل أن يحقق الفائدة المرجوة منه وهى تعلم السنة الصحيحة و العمل بها من قبل كل مطلع على هذا الموضوع أقول لأخي الكنانى في مسألة (الكراهة للتحريم أو للتنزيه) و مفهومها عند أهل العلم أن الكلام فيها تشعب أكثر من المراد – أقول: معك الوقت الكافي و أرجو عدم الاستعجال كي تأتيني و تأت الإخوة الكرام ببحث مستقل توضح فيه كل ما لديك في الموضوع وأعدك بأنني سأقوم بالعمل ذاته حتى يستفيد إخواننا الكرام ....................
و أرجو التوقف عن الردود في هذا الموضوع و ألا يكون الرد إلا بحثا مستقلا وأنا ملتزم بالأمر ذاته و ذلك كما أسلفت لتتحقق الفائدة من موضوع (الكراهة) و ألا تضيع الفائدة من موضوع (صيام السبت) و أعلم أخي أن هذه البادرة مني ليست عن ضعف في المسألة بل لعل بحثها أشبه بالجاهز وسينزل في موعده إن شاء الله تعالى.
¥