2 - النسائي رحمه الله كما هو معلوم يقول عن الحديث أنه مضطرب لذلك قال بعد ما سبق (ذكر الاختلاف على ثور بن يزيد في هذا الحديث) ثم جاء بالروايات المختلفة ليدلل بذلك على اضطراب الحديث.
3 - بعد أن جاء بكل الروايات المختلفة للتدليل على اضطراب الحديث جاء بالأثر الموقوف على عبد الله بن بسر الذي يخالف الحديث المرفوع ـ كما أقر بذلك الشيخ الألباني رحمه الله كما سنبين قريباً ـ و هذا الصنيع من النسائي رحمه الله إعلال للرواية المرفوعة كما يعرف ذلك المشتغلون بهذا العلم الشريف، فاستشهاد الأخ الكريم بصنيع النسائي رحمه الله هو استشهاد عليه و ليس له.
4 - قال الأخ الكريم: " و لفظة (لا لك ولا عليك) لا تعني الجواز" و المعروف أن الأحكام التكليفية خمسة: الوجوب و الندب و الإباحة و الكراهة و الحرمة، فسائل عبد الله بن بسر عن صيام السبت يسأل عن حكم صومه وهذا لن يخرج عن واحد من هذه الأحكام، فعندما يقول له (لا لك و لا عليك) فإنه بذلك يفتيه بحكم هذا الصوم، فعلى أي واحد من هذه الأحكام تدل هذه اللفظة؟
أما الواجب فهو ما يثاب فاعله و يعاقب تاركه فلو فعلت الواجب فإنه يكون لك إذاً هذه اللفظة لا تدل على الواجب، و أما المندوب فهو ما يثاب فاعله و لا يعاقب تاركه فلو فعلتَ المندوب فهو لك و لا عليك إذاً هذه اللفظة لا تدل على المندوب، و أما المحرم فهو ما يعاقب فاعله و يثاب تاركه فلو فعلتَ المحرم فإنه يكون عليك إذاً هذه اللفظة لا تدل على المحرم، و أما المكروه فهو ما يثاب تاركه و لا يعاقب فاعله فلو فعلتَ المكروه فيكون لا لك و لا عليك، و أما المباح فهو ما لا يثاب فاعله و لا يعاقب تاركه فلو فعلتَ المباح فإنه يكون أيضاً لا لك و لا عليك.
فقول ابن بسر رضي الله عنه (لا لك و لا عليك) ينطبق على كل من المكروه و المباح و لا ينطبق بحال لا على الواجب و لا على المندوب و لا على المحرم.
و من المعلوم أن كلاً من المباح و المكروه يجوز فعله فمن هنا نعلم خطأ قول الأخ الكريم و لفظة (لا لك ولا عليك) لا تعني الجواز بل هي تعني الجواز يقيناً و بكل تأكيد.
و بناء على ما سبق نستطيع الحكم على قول الأخ الكريم (الوجه الثاني: نقول ان من السلف من قال بظاهر الحديث هو راوي الحديث نفسه عبدالله ابن بسر)
بل الصحيح أن قول ابن بسر رضي الله عنه ظاهر في نفي الإثم ـ مما يعني نفي الحرمة ـ عن صائم السبت حيثُ يقول (لا عليك) و لا أدري كيف يمكن للمنصف أن يغض الطرف عن هذه الحقيقة التي لا تحتمل الجدال.
و لكن إذا كان هناك من لا يقبل كلام المتكلم ـ مهما كانت حجته ظاهرة ـ إلا إن جاء موافقاً لكلام من يتابعه و يرفع قدره فهذا كلام الشيخ الألباني رحمه الله يقر بذلك، قال في الشريط 182
(أحدهم يسأل: وقوله و لاعليك؟ الشيخ: هذا معناه أنك إذا صمته فليس عليك وزر تؤاخذ عليه) ثم تابع رحمه الله كلامه و اجتهد في صرف العبارة عن معناها الواضح و الصريح.
و قال أيضاً في الشريط 166 (فتأخذ من الحديث الموقوف ما يناسب المرفوع و لاتأخذ منه ما يباينه و يخالفه (!!)، إذاً قوله لا لك أي لا يشرع لك، فإذا عرفت ذلك استغنيت عن الاعتماد على تمام الحديث (!!!))
فالشيخ رحمه الله يقر أن فتوى ابن بسر رضي الله عنه تخالف و تباين في شقها الثاني " و لا عليك " الحديث المرفوع، و يقر كذلك أن هذا الشق الثاني معناه أنك إذا صمته فليس عليك وزر تؤاخذ عليه، إلا أنه رحمه الله و غفر له رأى أن يستغني عن تمام عبارة ابن بسر رحمه الله الدالة على عدم الحرمة لا محالة لأنها تخالف فهمه للحديث!!
ثم إنَّ لفظة (لا لك ولا عليك) تشابه لفظ حديث: (مَنْ صام الدهر فلا صام ولا أفطر) صححه الألباني؛ مع أنَّ صيام الدهر منهيٌ عنه … قال الألبانى رحمه الله تعالى (عندما سئل راوي الحديث عن صيام يوم السبت فقال: صيام يوم السبت لا لك ولا عليك , فهدا أقتباس منه من قوله صلى الله عليه وسلم فيمن صام الدهر لا صام ولا أفطر , فهل تأمرون صائم الدهر أن يصوم , أم بأن يفطر؟ لا شك بأن القول بالإفطار. فما أظن أن القول بصيام الدهر صحيح لأن النبى صلى الله عليه وسلم , ذكر أنه صام مع العلم بقوله صلى الله عليه وسلم بمن صام الدهر لا صام ولا أفطر , كذلك فإن صيام الدهر مرجوح كذلك فعندما نعود إلى قول الراوي عن صيام يوم
¥