ـ[ناصف]ــــــــ[21 - 04 - 06, 07:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
هذا أول الأحاديث التي سوف نناقشها ان شاء الله تعالى.
يزعم أصحاب القول بجواز صيام يوم السبت بان حديث ابن بسر شاذا لأنه يخالف حديث أم سلمة والذي فيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم السبت والأحد، يتحرى ذلك، ويقول: "أنهما يوما عيد الكفار، وأنا أحب أن أخالفهم" وفي لفظ: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صيامه السبت والأحد.
والرد على هذا الحديث انه ضعيف ولا يصح ان يستدل به على جواز صيام يوم السبت ولا على استحبابه , بل ان هذا الحديث منكر وذلك لأنه يخالف حديث ابن بسر الصحيح , فهذا الحديث ضعيف , وقد خالف حديثا صحيحا , وهو ما يسمى بالحديث المنكر.
هذا بكل اختصار الرد على هذا الحديث , فان كنت تريد ان تناقش ضعف الحديث فبها , وان كنت تعتقد ان هذا الحديث صحيح بدون المناقشة , فقد وصلنا إلى نهاية المناقشة حول هذا الحديث و كان سبب اختلافنا هو الحكم على هذا الحديث حديث أم سلمة فمن يرى بصحة يعتبره مخالف لحديث ابن بسر , ومن ثم يري بضعف حديث ابن بسر لهذا السبب وهو الشذوذ , ومن يرى بضعف هذا الحديث حديث أم سلمة يري انه لا يقوى بان يكون مخالفا لحديث ابن بسر لان حديث أم سلمة ضعيف ولا يستدل به على حكم , بل قد خالفه حديث آخر صحيح في الحكم فهو بذلك يكون منكر.
وحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر: السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر: الثلاثاء والأربعاء والخميس) أخرجه الترمذي.
فهذا الحديث ضعيفا أيضا ولا يصح ان يثبت به حكم.
ـ[ناصف]ــــــــ[21 - 04 - 06, 07:07 م]ـ
اما الجزء الثاني من النقاش يدور حول أحاديث يدل بمفهومها على جواز صيام يوم السبت وهي: حديث جويرية بنت الحارث أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: (صمت أمس؟ فقالت: لا، فقال: "تريدين أن تصومي غداً؟ "، قالت: لا، قال: فافطري) البخاري , وحديث أبي هريرة (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده) متفق عليه.
فهذه الأحاديث تدل بمفهومها على جواز صيام يوم السبت وليس بمنطوقها.
أقول ان هذه الأحاديث تخالف حديث عبدالله ابن بسر وهذا واضح لا ضروري لبيانه فعليه فانه لابد من محاولة الجمع أولا وهذا هو الأولى , فان تعذر الجمع انتقلنا للترجيح.
فإذا حاولنا الجمع ولم نتمكن وجب الترجيح بين الأدلة , وهذا ما يحصل معنا الآن فان حديث ابن بسر والأحاديث السالفة الذكر لا يمكن الجمع بينها ومن ثم وجب الترجيح بقواعد الترجيح , والقاعدة التي أقول بها هنا هي قاعدة المنطوق مقدم على المفهوم , فإذا ما خالف حديث يدل بمنطوقه على حكم ما حديثا أخر يدل بمفهومه على خلاف الحكم , قدم المنطوق على المفهوم , وهذا هو ما حصل معنا , فحديث جويرية مسوق أصلا في حكم صوم يوم الجمعة؛ أي في متى يشرع صومه؟ فكان قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إلا يوماً قبله أو بعده)، فجواز صوم يوم السبت في هذا الحديث يؤخذ تبعاً من قوله (أو بعده)، أما لو نظرنا إلى حديث النهي عن صيام يوم السبت علمنا أنَّ الحديث مسوق أصلا في حكم صوم السبت؛ متى يشرع صومه؟ فكان قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إلا فيما افترض عليكم)؛ والمسوق أصلا مقدَّم على المسوق تبعاً، فحديث جويرية يدل بدلالة المفهوم، أما حديث النهي فيدل بدلالة المنطوق , والمنطوق مقدم على المفهوم كما لا يخفى في علم الأصول.
الأخوة الكرام ان قولنا بهذه القاعدة إنما هو من باب الترجيح ولكن يجب ان يعلم ان الترجيح نوعان ترجيح تام , وترجيح جزئي , فلو رجحنا بين الحديثين بما يقول به الأخ أبو البراء , فسوف نلغي العمل بحديث عبدالله ابن بسر , اما اذا قمنا بالترجيح بين الحديثين بقاعدة المفهوم والمنطوق فإننا في هذه الحالة سوف نقوم بالترجيح الجزئي , بمعنا إننا سوف نأخذ بحديث ابن بسر في عدم جواز صيام يوم السبت , كما نأخذ بحديث جويرية , وهو عدم جواز صيام يوم الجمعة إلا ان يصام يوما قبله أو يوما بعده , نعم يبقى الإشكال الوحيد هو قوله يوما بعده فيمكن ان يقال:
ان حديث ابن بسر عام أي انه لا يجوز صيام السبت , وحديث جويرية خاص أي إلا في حالة من صام الجمعة فانه يجوز له صيام السبت لكي لا يقع في إثم صيام الجمعة منفردة , نعم أقول لكي لا يقع في إثم صيام يوم الجمعة منفردا لان صيامها منفردا حرام.
قال صديق حسن خان في الروضة الندية شرح الدرر البهية:
(وإفراد يوم الجمعة لحديث جابر في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم نهى عن صوم يوم الجمعة وفي رواية أن يفرد بصوم وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو بعده يوم وفي لفظ لمسلم ولا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم وفي الباب أحاديث. قال الشافعي: يكره إفراد الجمعة. وفي العالمكيرية يستحب صوم يوم الجمعة بانفراده.
أقول- صديق حسن خان-: الأحاديث واردة بالنهي، وحقيقة النهي التحريم إذا لم يصم يوماً قبله ولا يوماً بعده) انتهي كلامه.
ان الناظر إلى ما قمنا به من الترجيح السابق يتبين له وبوضوح إننا قد عملنا بسياق الحديثين , فحديث جويرية مساق للنهى –أقول النهى مطلقا سوى أريد به التحريم أو التنزيه- إلا ان يصام يوما قبله ويوما بعده , ونحن في ترجيحنا هذا لم نخالف هذا الحديث ولم نلغه بل نحن نقول ان الجمعة لا تصام إلا مع يوما قبلها أو يوما بعدها وهذا ما سيق حديث جويرية من اجله , كما إننا عملنا بحديث ابن بسر في النهي–أقول النهى مطلقا سوى أريد به التحريم أو التنزيه- ونحن لم نلغى العمل بهذا الحديث بل عملنا به على ظاهره وهو حرمة صيام يوم السبت.
لم يبقى الا الاحاديث التى تدل على استحباب صيام بعض الأيام والتي قد يقع السبت فيها سوف نذكرها لاحقا ان شاء الله تعالى وهو اخر رد لي حول هذا الموضوع
¥