واستخدامك لقاعدة المفهوم والمنطوق , فأنت في الحقيقة لم تستخدم هذه القاعدة , وإنما استخدمت قاعدة العام والخاص ولكي توضح عندك الصورة سوف أقوم بهذه التوضيحات.
لقد اتفق كلا من القائلون بجواز صيام يوم السبت , والقائلون بعدم جوازه على ان حديث جويرية بنت الحارث وحديث أبي هريرة معارض لحديث عبدالله ابن بسر ومن ثم اختلف الفريقين فقام القائلون بعدم جواز صيام السبت بطرق جمع وترجيح , وكذلك فعل المبيحون لصيامه.
القائلون بحرمة صيام السبت
كانت طرقهم على النحو الآتي:
1 - انه يمكن الجمع بين هذه الاحاديث وذلك بان يقال ان صيام يوم السبت المذكور في حديث جويرية بنت الحارث وحديث أبي هريرة , داخل ضمن قوله عليه الصلاة والسلام (إلا فيما افترض عليكم) , وعليه فمن صام الجمعة ولم يصم الخميس وجب عليه صيام السبت , وبذلك نكون قد اخذنا بكل الاحاديث وهذا الجمع اولى من الترجيح.
ولكن هل يصح ان نقول على ان جملة (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده) , لا يجوز صيام الجمعة الا بصام يوم قبلها او يوم بعده , أي من جهة اخرى هل نستطيع القول بانه يجب على من صام الجمعة ان يصوم يوما قبلها ويوما بعدها وبالتالي يدخل يوم السبت تحت عموم قوله عليه الصلاة والسلام (إلا فيما افترض عليكم) , وبالتالي لا تعارض بين الاحاديث.
على كل حال ليس هذه موضع نقاش هذه النقطة , وانما نحن الان بصدد عرض الاقوال.
2 - انه لا يمكن الجمع ومن ثم يجب الترجيح بينها , والترجيح هنا يكون عن طريق قاعدة المفهوم والمنطوق , وهي التى قال بها الاخ ناصف في كلامه السابق غير انه في الحقيقة لم يستخدمها , وانما استخدم قاعدة العام والخاص السابقة الذكر , وطريق الترجيح هي ان حديث جويرية مسوق أصلا في حكم صوم يوم الجمعة؛ أي في متى يشرع صومه؟ فكان قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إلا يوماً قبله أو بعده)، فجواز صوم يوم السبت في هذا الحديث يؤخذ تبعاً من قوله (أو بعده)، أما لو نظرنا إلى حديث النهي عن صيام يوم السبت علمنا أنَّ الحديث مسوق أصلا في حكم صوم السبت؛ متى يشرع صومه؟ فكان قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إلا فيما افترض عليكم)؛ والمسوق أصلا مقدَّم على المسوق تبعاً، فحديث جويرية يدل بدلالة المفهوم، أما حديث النهي فيدل بدلالة المنطوق , والمنطوق مقدم على المفهوم كما لا يخفى في علم الأصول.
لقد قام الاخ ناصف بعرض هذه القاعدة , غير انه عندما جاء الى موضع التعارض بين الحديثين في قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (أو بعده) , لم ياخذ بهذه القاعدة , وانما اخذا بقاعدة العام والخاص.
ان هذه القاعدة ترجح حرمة صيام السبت على جوازه , بمعنى تقدم النهى على الجواز , وهذا ما اعترض عليه الاخوة وذلك بعدم قولهم بان حديث جويرية بنت الحارث وحديث أبي هريرة يدلان بدلالة المفهوم على جواز صيام يوم السبت , ومن ثم فلا يصح باستخدام هذه القاعدة هنا.
3 - انه لا يمكن الجمع ومن ثم يجب الترجيح بينها , والترجيح هنا يكون عن طريق قاعدة الحاظر مقدم على المبيح , فحديث ابن بسر حظر و حديث جويرية بنت الحارث وحديث أبي هريرة مباح , و الحاظر مقدم على المبيح.
هذه هي طرق الجمع والترجيح التى قام بها القائلون بحرمة صيام يوم السبت , والآن إلى ما قاله القائلون بالجواز , والذي سوف اذكره هنا هم القائلون بالجواز مطلقا , والا فان هناك من قال بكراهة صيامه , وهناك من قال ان المقصود منه هو نية التعظيم , وهناك من قال بل المقصود منه هو افراده فيجوز صيامه مع يوم قبله او يوم بعده كما في صيام الجمعة.
القائلون بالجواز مطلقا
ان حديث ابن بسر يعارض حديث جويرية بنت الحارث وحديث أبي هريرة ومن ثم وجب الجمع فان تعذر انتقلنا الى الترجيح , ولكن الترجيح يجب ان يكون في السند قبل ان ننتقل الى المتن , واذا نظرنا الى حديث ابن بسر وجدنا إن أقصى ما يقال فيه أنه على شرط البخاري واما حديث جويرية بنت الحارث وحديث أبي هريرة فاحداهما متفق عليه والاخر رواه مسلم , ومن ثم فاذا ما اردنا الترجيح قدمنا احاديث اباحة صيام السبت واعتبرنا حديث ابن بسر شاذا.
هذا ما احببت ان اقوله لك اخي ناصف.
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[22 - 04 - 06, 12:10 م]ـ
اخي ناصف يمكن انستنتج من قولك في استخدامك لقاعدة العام والخاص ان انه لا يمكن الجمع ومن ثم يجب الترجيح بينها , والترجيح هنا يكون عن طريق الترجيح الجزئى وهو الاولى , وذلك عن طريق قاعدة العام والخاص , وذلك بان يقال ان حديث ابن بسر عام أي انه لا يجوز صيام السبت , وحديث جويرية خاص أي إلا في حالة من صام الجمعة فانه يجوز له صيام السبت , فخصص حديث ابن بسر بمخصص متصل وهو قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (إلا فيما افترض عليكم) , وبمخصص منفصل وهو من قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (أو بعده).
وهذا في الحقيقة اولى من الترجيح الكلى , ففي هذه الحالة اخرجنا صورة واحدة من العموم بدليل متصل بحديث , واخرجنا صورة اخرى من العموم بدليل منفصل.
اقول هذه ما فهمة من كلامك ولكن هذا الجمع كما قال الاخ الكناني ليس لك فيه سلف لا من الأئمة المتقدمين و لا جمهور المتأخرين.
والله اعلم
¥