وقوله صلى الله عليه وسلم (أو يمس من طيب بيته) أي إن لم يجد دهنا , ويحتمل أن يكون " أو " بمعنى الواو , وإضافته إلى البيت تؤذن بأن السنة أن يتخذ المرء لنفسه طيبا ويجعل استعماله له عادة فيدخره في البيت. كذا قال بعضهم بناء على أن المراد بالبيت حقيقته , لكن في حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود (أو يمس من طيب امرأته) فعلى هذا فالمعنى إن لم يتخذ لنفسه طيبا فليستعمل من طيب امرأته , وهو موافق لحديث أبي سعيد عند مسلم حيث قال فيه (ولو من طيب المرأة). وفيه أن بيت الرجل يطلق ويراد به امرأته.
و قوله صلى الله عليه وسلم (ثم يخرج) زاد في حديث أبي أيوب عند ابن خزيمة (إلى المسجد) ولأحمد من حديث أبي الدرداء (ثم يمشي وعليه السكينة).
قوله صلى الله عليه وسلم (فلا يفرق بين اثنين) في حديث عبد الله بن عمرو (ثم لم يتخط رقاب الناس). وفي حديث أبي الدرداء (ولم يتخط أحدا ولم يؤذه).
وقوله صلى الله عليه وسلم (ثم يصلي ما كتب له) في حديث أبي الدرداء (ثم يركع ما قضى له) وفي حديث أبي أيوب (فيركع إن بدا له).
وقوله صلى الله عليه وسلم (ثم ينصت إذا تكلم الإمام) زاد في رواية قرثع الضبي (حتى يقضي صلاته) ونحوه في حديث أبي أيوب.
وقوله صلى الله عليه وسلم (غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى) في رواية قاسم بن يزيد (حط عنه ذنوب ما بينه وبين الجمعة الأخرى) والمراد بالأخرى التي مضت. فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
من فضائل الصلاة
فضل الأذان
+ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا) البخاري.
شرح الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) النداء هو الأذان والاستهام الاقتراع , ومعناه أنهم لو علموا فضيلة الأذان وقدرها وعظيم جزائه , ثم لم يجدوا طريقا يحصلونه به لضيق الوقت عن أذان بعد أذان , أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد لاقترعوا في تحصيله , ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة نحو ما سبق , وجاءوا إليه دفعة واحدة وضاق عنهم , ثم لم يسمح بعضهم لبعض به , لاقترعوا عليه. وفيه إثبات القرعة في الحقوق التي يزدحم عليها ويتنازع فيها.
قوله: (ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه) التهجير التبكير إلى الصلاة أي صلاة كانت. قال الهروي وغيره: وخصه الخليل بالجمعة , والصواب المشهور الأول.
قوله صلى الله عليه وسلم: (ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا) فيه الحث العظيم على حضور جماعة هاتين الصلاتين , والفضل الكثير في ذلك لما فيهما من المشقة على النفس من تنغيص أول نومها وآخره , ولهذا كانتا أثقل الصلاة على المنافقين.
وفي هذا الحديث تسمية العشاء عتمة , وقد ثبت النهي عنه , وجوابه من وجهين:
أحدهما أن هذه التسمية بيان للجواز , وأن ذلك النهي ليس للتحريم ,
الثاني وهو الأظهر أن استعمال العتمة هنا لمصلحة ونفي مفسدة لأن العرب كانت تستعمل لفظة العشاء في المغرب , فلو قال: لو يعلمون ما في العشاء والصبح لحملوها على المغرب , ففسد المعنى , وفات المطلوب , فاستعمل العتمة التي يعرفونها ولا يشكون فيها , وقواعد الشرع متظاهرة على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما.
قوله صلى الله عليه وسلم: (ولو حبوا) هو بإسكان الباء وإنما ضبطته لأني رأيت من الكبار من صحفه. شرح صحيح مسلم النووي.
فضل المؤذن
+ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) مسلم.
شرح الحديث
¥