قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رحم الله رجلا) يحتمل الدعاء ويحتمل الخبر , وبالأول جزم ابن حبيب المالكي وابن بطال ورجحه الداودي , ويؤيد الثاني ما رواه الترمذي من طريق زيد بن عطاء بن السائب عن ابن المنكدر في هذا الحديث بلفظ (غفر الله لرجل كان قبلكم كان سهلا إذا باع) الحديث , وهذا يشعر بأنه قصد رجلا بعينه في حديث الباب , قال الكرماني: ظاهره الإخبار لكن قرينة الاستقبال المستفاد من (إذا) تجعله دعاء وتقديره رحم الله رجلا يكون كذلك , وقد يستفاد العموم من تقييده بالشرط. قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سمحا) بسكون الميم وبالمهملتين أي سهلا , وهي صفة مشبهة تدل على الثبوت , فلذلك كرر أحوال البيع والشراء والتقاضي , والسمح الجواد , يقال سمح بكذا إذا جاد , والمراد هنا المساهلة. قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وإذا اقتضى) أي طلب قضاء حقه بسهولة وعدم إلحاف , في رواية حكاها ابن التين (وإذا قضى) أي أعطى الذي عليه بسهولة بغير مطل , وللترمذي والحاكم من حديث أبي هريرة مرفوعا (إن الله يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء) وللنسائي من حديث عثمان رفعه (أدخل الله الجنة رجلا كان سهلا مشتريا وبائعا وقاضيا ومقتضيا) ولأحمد من حديث عبد الله بن عمرو نحوه وفيه الحض على السماحة في المعاملة واستعمال معالي الأخلاق وترك المشاحة والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة وأخذ العفو منهم. فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
أفضل المسلمين
+ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ قَالَ (مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) متفق عليه.
شرح الحديث
حديث أبي موسي الأشعري رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل أي المسلم خير يعني أي المسلمين خير قال (مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) أي لا يتعدى علي المسلمين لا بلسانه بغيبة أو نميمة أو سب أو ما أشبه ذلك، ويده يعني لا يأخذ أموالهم ولا يضرب أبشارهم، بل هو كافي عادل لا يأتي الناس إلا ما هو خير هذا هو المسلم، وفي هذا حث علي أن يسلم الإنسان من لسانك ويدك، احفظ لسانك لا تتكلم في عباد الله إلا في الخير، كذلك احفظ يدك لا تجني علي أموالهم ولا علي أبشارهم، بل كن سالما يسلم منك وهذا هو خير المسلمين. شرح رياض الصالحين - العثيمين.
فضل من دعاء إلى هُدَى
+ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من دعاء إلى هُدَى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً. ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً) رواه مسلم.
شرح الحديث
هذا الحديث – وما أشبهه من الأحاديث – فيه: الحث على الدعوة إلى الهدى والخير، وفضل الداعي، والتحذير من الدعاء إلى الضلالة والغيّ، وعظم جرم الداعي وعقوبته.
والهدى: هو العلم النافع، والعمل الصالح.
فكل من علم علماً لو وَجَّه المتعلمين إلى سلوك طريقة يحصل لهم فيها علم: فهو داع إلى الهدى.
وكل من دعاء إلى عمل صالح يتعلق بحق الله، أو بحقوق الخلق العامة والخاصة: فهو داع إلى الهدى.
وكل من أبدى نصيحة دينية أو دنيوية يتوسل بها إلى الدين: فهو داع إلى الهدى.
وكل من اهتدى في علمه أو عمله، فاقتدى به غيره: فهو داع إلى الهدى.
وكل من تقدم غيره بعمل خيري، أو مشروع عام النفع: فهو داخل في هذا النص.
وعكس ذلك كله: الداعي إلى الضلالة.
فالداعون إلى الهدى: هم أئمة المتقين، وخيار المؤمنين.
والداعون إلى الضلالة: هم الأئمة الذين يدعون إلى النار.
وكل من عاون غيره على البر والتقوى: فهو من الداعين إلى الهدى.
وكل من أعان غيره على الإثم والعدوان: فهو من الداعين إلى الضلالة. بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار.
فضل الذب عن عرض المسلم
+ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) صححه الألباني
شرح الحديث
¥