22. الحنابلة يرون صحة صلاة الجمعة قبل الزوال, والجمهور على أن وقتها وقت صلاة الظهر, وذكر ابن رجب وغيره من أهل العلم قاعدة مفادها أنه إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب لا يجوز فعلها قبل السبب اتفاقاً, ويجوز فعلها بعد دخول الوقت اتفاقاً, والخلاف فيما بينهما, وسبب الوجوب هنا طلوع الشمس من يوم الجمعة, ووقت الوجوب الزوال, فلا تجوز قبل ارتفاع الشمس اتفاقاً, وتجوز بعد الزوال اتفاقاً, والخلاف فيما بينهما.
23. كفارة اليمين سببها انعقاد اليمين, ووقتها الحنث, فلا يجوز أن تكفِّر قبل أن تعقد اليمين, ويجوز اتفاقاً أن تكفِّر بعد الحنث, لكن بينهما هو محل الخلاف, بناءً على هذه القاعدة. ودم المتعة والقران سببه الإحرام بالعمرة للمتمتع والإحرام بهما للقارن, ووقته يوم العيد, والخلاف بين السبب والوقت, يعني هل له أن يذبح الهدي قبل يوم العيد أو ليس له ذلك؟ محل خلاف بين أهل العلم. وهذه القاعدة لها فروع كثيرة جداً.
24. لا شك أن الاحتياط ألا تصلى إلا بعد الزوال ولو بُدِئ بالخطبة قبل ذلك, والأدلة محتملة, فمن صلاها قبل الزوال قريباً منه لا يؤمر بالإعادة.
25. حديث جابر (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً): القيام في خطبة الجمعة واجب عند أهل العلم, ولم يخطب النبي عليه الصلاة والسلام وهو جالس ألبتة, ولا خلفاؤه من بعده, لا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي, ويقال إن أول من خطب جالساً كان معاوية رضي الله عنه لما ثقل جداً, ثم خطب بعض بني أمية بعده جالساً, وأنكر عليهم من قِبَل الصحابة كأبي سعيد وغيره, فالخطبة من جلوس لا تجوز, بل لا بد لها من قيام.
26. العير هي الإبل المحملة بالبضائع.
27. هؤلاء الذين انفتلوا كلهم صحابة, وهم بشر يعتريهم ما يعتري البشر, وقد يكون الوقت وقت شدة وضيق فإذا سمعوا بشيء من مثل هذا لا شك أنه يؤثر على النفوس, وحضور الخطبة أصلاً ليس بواجب عند عامة أهل العلم, لكن من حضر يلزمه الإنصات, ولا شك أن هذا لن يكون من الصحابة رضي الله عنهم إلا في حال حرج شديد, ولا يبعد أن يكون فيهم شديد الجوع.
28. من أهل العلم من يرى أن هذه الخطبة كانت بعد صلاة الجمعة, وظنوا أن الانصراف عنها كالانصراف عن خطبة العيد, وجاء الترخيص في الانصراف عن خطبة العيد بقوله (إنا نخطب فمن شاء أن يجلس فليجلس) , فحكم الاستماع لها عندهم كحكم الاستماع لخطبة العيد, إذا صلى الصلاة يجوز له أن يجلس ويجوز له أن ينصرف, لكن هذا يحتاج إلى نقل, ومعلوم أنهم عوتبوا على انصرافهم, ولو كان مما يجوز لهم فعله ما عوتبوا عليه.
29. من أهل العلم من يقول إن الجمعة تنعقد باثني عشر رجلاً لهذا الحديث.
30. هؤلاء الذين انصرفوا وعادوا وأدركوا الصلاة صلاتهم صحيحة وإن كانوا قد فعلوا ما يستحقون عليه العتاب, والمظنون بالصحابة رضي الله عنهم أن الحاجة شديدة وماسة إلى مثل هذا الخروج.
31. حديث ابن عمر (من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته): هذا مخرج في السنن, والذي في الصحيحين (من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة) و (من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح, ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) , وأما إدراك الجمعة بركعة فهو في السنن.
32. قوله (فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته): جاء نظيره في من أدرك من الصبح ركعة فليضف إليها أخرى, ومن أدرك ركعة من العصر ثلاثاً فليضف إليها ثلاثاً.
33. قوله (من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح, ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) صريح في أن الوقت يدرك بإدراك ركعة, ومثل هذا في سائر الصلوات, يضيف إليها ما بقي وتكون صلاته أداء, ومن أهل العلم من يرى أن ما أدركه في الوقت أداء وما أدركه بعده قضاء, لكن النص جاء فيه (فقد أدرك الصلاة).
34. إدراك الجماعة: الجمهور على أن من أدرك مع الإمام أدنى جزء من الصلاة فإنه يدرك الجماعة, حتى قالوا (من كبر قبل سلام إمامه التسليمة الأولى أدرك الجماعة ولو لم يجلس) , وجمع من أهل التحقيق يقولون إن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة, لأنها أقل ما يطلق عليه اسم الصلاة.
¥