بل عليه أن يعمل الأعمال الصالحة ويجتنب السيئات بقدر الإمكان, وإذا وقعت منه كُفِّرَت, والكبائر عند الجمهور لا تكفرها إلا التوبة.
134. حديث أبي هريرة (فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم - الحديث -): ساعة أي مقدار من الزمان لا تتحدد بالساعة الفلكية المعروفة التي هي جزء من أربعة وعشرين جزءاً من اليوم, ومثل ذلك في قوله (من راح في الساعة الأولى - الحديث -) , فالساعة في النصوص ليس المراد بها الساعة ذات الستين دقيقة المعروفة الآن.
135. قوله (وهو قائم يصلي): من باب إطلاق الجزء على الكل, فالمراد (وهو يصلي) على أي حال من أحوال صلاته, وإجابة الدعاء في هذه الساعة لا شك أنه من تلمس الأسباب, وعدم إجابة الدعاء قد يكون لمانعٍ عند الداعي. وكونه سبب لا يعني أنه يترتب عليه أثره, فقد يتخلف الأثر لأمرٍ قد يكون أعظم من إجابة الدعاء, ومن أعظم موانع إجابة الدعاء التخليط في المطعم والمشرب.
136. قوله (وأشار بيده يقللها) وفي رواية لمسلم (وهي ساعة خفيفة): ليس المراد بالساعة الساعة المعروفة الآن, فهي تقبل الزيادة والنقص لأنها مجرد مقدار من الزمان يزيد وينقص.
137. وعن أبي بردة عن أبيه: أبوه هو أبو موسى الأشعري.
138. قوله (هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة): في مسلم عن أبي بردة عن أبيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهو مرفوع عند مسلم, ورجح الدار قطني أنه من قول أبي بردة, لكن الصواب مع مسلم رحمه الله تعالى, ولذا رجح كثير من أهل العلم هذا الوقت لساعة الاستجابة, حتى قال القرطبي أنه نص في موضع الخلاف فلا يلتفت إلى غيره, وقال النووي هو الصحيح بل الصواب, لأنه ثابت في مسلم ومرفوع إلى النبي عليه الصلاة والسلام.
139. لكن جاء في حديث عبد الله بن سلاَم عند ابن ماجه وهو صحيح وفي حديث جابر عند أبي داود والنسائي وهو أيضاً صحيح معتضد بما قبله أنها ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس, لكن لا يعارَض هذا بما جاء في صحيح مسلم ولو كان مما اختُلِف فيه لأن صحيح مسلم تلقته الأمة بالقبول.
140. هذا الاختلاف يؤيد قول من يقول إنها متنقلة مثل ليلة القدر, فأحياناً تكون من بين دخول الإمام وصعوده على المنبر إلى أن تقضى الصلاة, وأحياناً تكون من صلاة العصر إلى غروب الشمس, ولا شك أن عصر الجمعة له مزية فينبغي أن يغتنم بالدعاء, لأن الحديث صحيح لا إشكال فيه.
141. يقول ابن حجر: وقد اختلف فيها على أكثر من أربعين قولاً. والأقوال في تحديد ليلة القدر قريبة من خمسين قولاً. وعلى كل حال أقواها ما ذُكِر, إما من صعود الإمام على المنبر إلى الفراغ من الصلاة, أو من صلاة العصر إلى غروب الشمس.
142. قول الحافظ (أمليتها في شرح البخاري): معروف أن الحافظ أملى كتابه إملاءً, وكان يستفيد من بعض طلابه النابهين, يحضِّرون له بعض المسائل فينظر فيها نظراً دقيقاً ويراجع أصولها ويسبكها ويصوغها بعبارته ثم يمليها.
143. كيف نوفق بين أحاديث النهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس وبين القول بأن ساعة الإجابة تكون بين صلاة العصر وبين المغرب مع قوله (وهو قائم يصلي)؟ أجاب عن هذا الإشكال بعض الصحابة ممن اختار هذا الوقت لساعة الإجابة, والجواب هو أن من ينتظر صلاة المغرب فهو في صلاة ما دامت الصلاة تحسبه.
144. من أخر الصلاة عن وقتها عمداً فالجمهور على أنه يجب عليه قضاءها, ونُقِلَ الإجماع على ذلك, وإن نقل ابن حزم الإجماع على خلافه, فهذه من المسائل التي نقل فيها الاتفاق على القولين المتضادين, وعلى كل حال عامة أهل العلم على أنه يلزمه القضاء, وأما وصية أبي بكر الصديق لعمر بن الخطاب بقوله (إن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار, وحقاً بالنهار لا يقبله بالليل) فمعروف أن نفي القبول يرد ويراد به نفي الصحة كما في الحديث (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) و (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) كما أنه يرد ويراد به نفي الثواب المرتب على العبادة كما في قوله جل وعلا (إنما يتقبل الله من المتقين).
¥