تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبقي أن نقول في الموضوع ما نعذر به إلى ربنا ونقطع به الشك باليقين ونستكمل به الحجة على الخصيم،فقد قال الله تبارك وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فتهاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا)

جاء عند البخاري: عن محمد بن عبدالرحمن أبو الأسود قال: قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته فنهاني عن ذلك أشد النهي قال: أخبرني ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب عنقه فيقتل فأنزل الله "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ". رواه الليث عن أبي الأسود. وعند ابن أبي حاتم،عن ابن عباس قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم فأصيب بعضهم قال المسلمون كان أصحابنا مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" الآية قال فكتب إلى من بقى من المسلمين بهذه الآية لا عذر لهم قال فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم التقية فنزلت هذه الآية"ومن الناس من يقول آمنا بالله" الآية. قال عكرمة: نزلت هذه الآية في شباب من قريش كانوا تكلموا بالإسلام بمكة منهم علي بن أمية بن خلف وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو منصور بن الحجاج والحارث بن زمعة قال الضحاك نزلت في ناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وخرجوا مع المشركين يوم بدر فأصيبوا فيمن أصيب فنزلت هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكنا من إقامة الدين فهو ظالم لنفسه مرتكب حراما بالإجماع وبنص هذه الآية حيث يقول تعالى "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" أي بترك الهجرة "قالوا فيم كنتم" أي لم مكثتم هاهنا وتركتم الهجرة قالوا كنا مستضعفين في الأرض أي لا نقدر على الخروج من البلد ولا الذهاب في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة الآية: وعند أبي داود، عن سمرة بن جندب أما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله " وقال السدي: لما أسر العباس وعقيل ونوفل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه العباس " افد نفسك وابن أخيك " فقال يا رسول الله ألم نصل إلى قبلتك ونشهد شهادتك قال "يا عباس إنكم خاصمتم فخصمتم" ثم تلا عليه هذه الآية ألم تكن أرض الله واسعة " رواه ابن أبي حاتم.

فانظروا أيها المسافرون إلى بلاد المشركين مدى خطورة المكث والإقامة في ديار الكفار والوعيد الشديد الحاصل لهم في الدنيا والآخرة، فهل من معتبر؟! وهل من منزجر عن التفكير بالسفر إلى بلادهم؟! فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يعذر عمه الذي آمن به وصدقه، بل حاسبه وطالبه بالفداء شئنه شأن أي أسير قدر عليه المسلمون من الكفار لما قعد في أرض تعلوها مظاهر الكفر والشرك بالله فلا يستطيع المؤمن الجهر بدينه وإقامة شعائر الله فيها ثم هو لم يلحق بالمسلمين وديارهم وهو قادر على اللحاق فاستحق بذلك العقاب. وأنتم يا مسلمون وفي ديار الإسلام ترغبون في اللحاق بديار الكفار إن هذا والله لشأن عجاب!

قال العلامة ابن القيم رحمه الله:

[فصل مرور النبي وجيشه في ديار ثمود]:

وقد كان رسول الله حين مر بالحجر بديار ثمود، قال: «لا تَشرَبوا من مَائها شَيئاً، وَلا تتوضئوا منه للصلاة، وما كَانَ من عَجينٍ عَجَنتموه فَاعلفوه الإبلَ، ولا تَأَكلوا منه شَيئاً، ولا يَخرجَن أَحَدٌ منكم إلا ومعه صَاحبٌ له»، ففعل الناس، إلا أن رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته، وخرج الآخر في طلب بعيره، فأما الذي خرج لحاجته، فإنه خنق على مذهبه، وأما الذي خرج في طلب بعيره، فاحتملته الريح حتى طرحته بجبلي طيىء، فأخبرَ بذلك رسول الله، فقال: «ألم أَنهَكم أَن لا يَخرجَ أَحَدٌ منكم إلا وَمَعَه صَاحبه»، ثم دعا للذي خنقَ على مذهبه فشفي، وأما الآخر، فأهدته طيىء لرسول الله حين قدم المدينة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير