تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جاء في مسند الإمام أحمد عن ابن عباس: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثّر في جنبه، فقال: يا نبي الله، لو اتخذت فراشاً أوثر من هذا، فقال: مالي وللدنيا؟ ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار، ثم راح وتركها».

وفي صحيح ابن حبان عن أبي الدرداء- رضي الله عنه-، قال: قال رسولُ اللَّهِ: «مَنْ أَصْبَحَ مُعَافًى في بَدَنِهِ، آمِناً فِي سِرْبِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا».

فبهذه المعاني والأفعال والتشبيهات الجميلة يعلمنا حبيبنا ورسولنا الكريم كيفية التعايش مع متطلبات ومستلزمات الحياة التي بالغ الناس اليوم في تقديسها وجعلوها أولى الأوليات وألزم الواجبات ولو للأسف على حساب الدين والمرواءات فترى الكذب والغش والخداع والمعاملات المحرمة والضغينة والحسد والشحناء بين الإخوان والأقارب على ماذا؟! أعلى غير حفنة بخسية من دنيا حقيرة؟! لو ساوت عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافر شربة ماء، وإن مما يعنينا في هذا المقام وهذه الوقفة هو أن نعود إلى مجدنا وسالف عزنا باقتفاء أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في زهده في الدنيا واستعداده للآخرة وترك السرف والتبذير المحرم فنرى هذه الأيام القصور والبيوت الشاسعة يقطنها العدد اليسير من السكان تعمل وتطحن بها عشرات الأجهزة من مكيفات وإنارات وسخانات و ... و ... إلخ من الأجهزة والأدوات الكهربائية دون أن يكون لها حاجة ماسة وضرورة حقيقة تستلزم إبقاءها تعمل كل هذه الأوقات وفي النهاية التكاليف الباهظات ثمن هذه الحماقات التي لو حفظت وأنفقت في وجوه البر والخير لكان فيها النفع العظيم الذي يعم كلً من الطرفين فهذا غني مسرف على نفسه لا يدري ما يصنع بأمواله وبغناه وهذا فقير معدم تنكسر نفسه على ما يراه، فإنه إذا شاهد مثل هذه المشاهد التي تكثر في أوساط مجتمعنا هذا الزمان يشعر بالنقص ويفكر بتعديل الحال والوصول إلى مآل إليه أهل الأموال وبأية طريقة وعلى أية أحوال وعندها تظهر العواقب ونرى الأهوال جرائم وسرقات ونصب واحتيال،ثم نعود لأنفسنا ونقول من هو المسئول؟ وليت شعري هل يدري ذاك الذي أغناه الله ثم أغناه بما تخبأ له الأيام من جسوم وخطوب في الدنيا التي لا تدوم على حال ولا يثبت لها قرار، قال بعض السلف عن بعض أهل الترف: يعصون الله في أموالهم مرتين: يبخلون بها وهي في أيديهم يعني في الحياة، ويسرفون فيها إذا خرجت عن أيديهم، يعني بعد الموت،

عباد الله: لنقول جميعاً ونعاهد أنفسنا من اليوم وحتى نوضع في قبورنا: وداعاً وبعداً يا حياة الترف والسرف،واقبلي ورحبي يا حياة التأسي بالسلف

أما أنتم أحبتي في الله يا من فاتكم التنعم والترفه في الدنيا وتعيشون بين الناس حياة الكفاف أو ما دون الكفاف حياة الشبع يوماً والجوع يوم، حياة الشدائد والنوازل البليات، فابشروا وأملوا بأنفسكم خيرا،قال ابن كثير عند قوله صلى الله عليه وسلم: (فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة سنة) فالفقراء في تلك المدة لهم حسن العيش في العقبى مجازاة لما فاتهم من التنعم في الدنيا كما قال تعالى: {كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية} أي الماضية أو الخالية عن المأكل والمشرب صياماً أو وقت المجاعة.

ولتكن أسوتكم خير البرية وصحابته الكرام الذين ما عاشوا أبداً عيشاً رغيداً كما يعيشه الكثير منا هذه الأيام فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما أبو بكر وعمر جالسان إذ جاءهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما أجلسكما ههنا؟» قالا: والذي بعثك بالحق ما أخرجنا من بيوتنا إلا الجوع. قال: «والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره» فانطلقوا حتى أتوا بيت رجل من الأنصار، فاستقبلتهم المرأة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أين فلان؟» فقالت: ذهب يستعذب لنا ماء، فجاء صاحبهم يحمل قربته فقال: مرحباً، ما زار العباد شيء أفضل من نبي زارني اليوم، فعلق قربته بكرب نخلة وانطلق فجاءهم بعذق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا كنت اجتنيت؟» فقال: أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم، ثم أخذ الشفرة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إياك والحلوب» فذبح لهم يومئذ فأكلوا، فقال له النبي صلى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير