• يختار ابن القيم أنه لا يمتنع أن يكون الحوض قبل الصراط وبعده. ومن يقول إنه قبل الصراط يستدل بأنه قد ثبت أن الحوض يرد عليه من يرد ممن استوجب العذاب فيذاد, والصراط لا يجوزه إلا من نجا. وهذا لا يوجب القطع بأنه قبل الصراط, فالأمر محتمل, والله أعلم.
• قال عليه الصلاة والسلام (إن لكل نبي دعوة مستجابة, فتعجل كل نبي دعوته, وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة, وإنها نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئاً).
• الشفاعة العظمى في أهل الموقف لا ينكرها أحد من أهل البدع فيما أعلم, لأنها لا تناقض شيئاً من أصولهم.
• الشفاعة العظمى والشفاعة في أهل الجنة أن يدخلوها خاصتان به عليه الصلاة والسلام.
• الشفاعة التي تُذكَر لها الشروط هي الشفاعة في خروج عصاة الموحدين من النار, فهي التي تتوقف على شرطين: إذن الله للشافع أن يشفع ورضاه عن المشفوع له بأن يكون من أهل التوحيد. فلا يرد ذلك شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام في أبي طالب, فإنها ليست شفاعةً للخروج من النار, بل هي شفاعة في تخفيف العذاب.
• الميثاق هو العهد المؤكد. والميثاق الذي أخذه الله على آدم وذريته هو العهد الذي أخذه عليهم في القدم يوم استخرجهم من ظهره مثل الذر ثم استنطقهم فقال (ألست بربكم) قالوا (بلى).
• هذا الميثاق استدل له بقوله تعالى (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) واستدل له بأحاديث عديدة جاءت في المسند والسنن, فيها ذكر أن الله تعالى مسح ظهر آدم واستخرج ذريته أمثال الذر, وفي بعضها ذكر أن الله استنطقهم وأشهدهم على أنفسهم قائلاً (ألست بربكم) قالوا (بلى).
• الأحاديث التي فيها ذكر استخراج ذرية آدم من ظهره كثيرة, وبعضها يشهد لبعض, لكن الرواية التي فيها أنه استنطقهم وأشهدهم على أنفسهم فيها مقال لأهل الحديث, فمنهم من لا يثبتها.
• أصح ما استدل به على الميثاق الأول الحديث الذي في البخاري عن أنس أن الله تعالى يقول للكافر يوم القيامة (أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء، أكنت مفتدياً به؟ قال: فيقول: نعم، قال: فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا أن تشرك بي شيئاً).
• من الناس من لا يثبت هذا الميثاق, ويقول إنه ليس فيه حجة على أحد, ولا يذكره أحد من الناس, والجواب على هذا: نعم ليس حجة على أحد إلا على من جاءته الرسل وقامت عليه الحجة بتبليغهم, فهذا الميثاق لا يكون وحده حجة ولا يستوجب العذاب من خالفه بمجرده, وإنما يستوجب العذاب من جاءته الرسل وأخبروه بعهد الله سبحانه وتعالى.
• وأكثر المفسرين على أن الآية في الميثاق الأول الذي أخذه الله على آدم وذريته يوم استخرجهم من ظهره. ومنهم من يرى أنها في معنىً آخر وأن المراد منها ميثاق الفطرة, ورجح ابن القيم ذلك من وجوه, منها أن الله تعالى قال (وإذا أخذ ربك من بني آدم) ولم يقل (من آدم) وقال (من ظهورهم ذريتهم) ولم يقل (من ظهره) , والمراد استخراجهم من ظهور آباءهم جيلاً بعد جيل, وقوله (وأشهدهم على أنفسهم) أي بما نصبه من أدلة على ربوبيته وألوهيته, فالله جل وعلا قد نصب لهم الأدلة على ذلك وفطرهم على الإقرار بوحدانيته, قال عليه الصلاة والسلام (ما من مولود إلا يولد على الفطرة) فالفطرة ميثاق, ومع ذلك هذا الميثاق لم يجعله الله بمجرده هو الحجة على العباد, نعم هو من جملة الحجج, لكن الحجة الكبرى هي إرسال الرسل, قال الله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) وقال تعالى (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) وقال عليه الصلاة والسلام (لا أحد أحب إليه العذر من الله, من أجل ذلك أرسل الرسل) والميثاق الأول وميثاق الفطرة مما يحتج به الرسل على أممهم.
• قول الطحاوي (والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق): مما يتقدم يتبين أن ما ذكره الطحاوي هو موجَب الدليل, كما في حديث أنس الصحيح, وكما دلت عليه الشواهد من الأحاديث الأخرى, فالميثاق الأول حق, لكن ليس هو الحجة القاطعة للمعذرة على المكلفين, وإنما هو مما يحتج به الرسل على أممهم بتذكيرهم إياه وإخبارهم به, والله أعلم بالصواب.
¥