تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فصل [(7) الفرق بين اليد في الدية وفي السرقة] وأما قطع اليد في ربع دينار وجعل ديتها خمسمائة دينار فمن أعظم المصالح والحكمة؛ فإنه احتاط في الموضعين للأموال والأطراف، فقطعها في ربع دينار حفظا للأموال، وجعل ديتها خمسمائة دينار حفظا لها وصيانة، وقد أورد بعض الزنادقة هذا السؤال وضمنه بيتين، فقال: يد بخمسمئي من عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار تناقض ما لنا إلا السكوت له ونستجير بمولانا من العار فأجابه بعض الفقهاء بأنها كانت ثمينة لما كانت أمينة، فلما خانت هانت، وضمنه الناظم قوله: يد بخمس مئي من عسجد وديت لكنها قطعت في ربع دينار حماية الدم أغلاها وأرخصها خيانة المال فانظر حكمة الباري وروي أن الشافعي رحمه الله أجاب بقوله: هناك مظلومة غالت بقيمتها وها هنا ظلمت هانت على الباري وأجاب شمس الدين الكردي بقوله: قل للمعري عار أيما عار جهل الفتى وهو عن ثوب التقى عار لا تقدحن زناد الشعر عن حكم شعائر الشرع لم تقدح بأشعار فقيمة اليد نصف الألف من ذهب فإن تعدت فلا تسوى بدينار

فصل [(8) حكمة جعل نصاب السرقة ربع دينار] وأما تخصيص القطع بهذا القدر فلأنه لا بد من مقدار يجعل ضابطا لوجوب القطع؛ إذ لا يمكن أن يقال: يقطع بسرقة فلس أو حبة حنطة أو تمرة، ولا تأتي الشريعة بهذا، وتنزه حكمة الله ورحمته وإحسانه عن ذلك، فلا بد من ضابط، وكانت الثلاثة دراهم أول مراتب الجمع، وهي مقدار ربع دينار، وقال إبراهيم النخعي وغيره من التابعين: كانوا لا يقطعون في الشيء التافه؛ فإن عادة الناس التسامح في الشيء الحقير من أموالهم، إذ لا يلحقهم ضرر بفقده، وفي التقدير بثلاثة دراهم حكمة ظاهرة؛ فإنها كفاية المقتصد في يومه له ولمن يمونه غالبا، وقوت اليوم للرجل وأهله له خطر عند غالب الناس؛ وفي الأثر المعروف: {من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها}

فصل [(9) حكمة حد القذف بالزنا دون الكفر] وأما إيجاب حد الفرية على من قذف غيره بالزنا دون الكفر ففي غاية المناسبة؛ فإن القاذف غيره بالزنا لا سبيل للناس إلى العلم بكذبه، فجعل حد الفرية تكذيبا له، وتبرئة لعرض المقذوف، وتعظيما لشأن هذه الفاحشة التي يجلد من رمى بها مسلما؛ وأما من رمى غيره بالكفر فإن شاهد حال المسلم واطلاع المسلمين عليها كاف في تكذيبه، ولا يلحقه من العار بكذبه عليه في ذلك ما يلحقه بكذبه عليه في الرمي بالفاحشة، ولا سيما إن كان المقذوف امرأة؛ فإن العار والمعرة التي تلحقها بقذفه بين أهلها وتشعب ظنون الناس وكونهم بين مصدق ومكذب لا يلحق مثله بالرمي بالكفر

ـ[وليد الباز]ــــــــ[13 - 08 - 07, 04:55 م]ـ

فصل [(10) حكمة الاكتفاء في القتل بشاهدين دون الزنا] وأما اكتفاؤه في القتل بشاهدين دون الزنا ففي غاية الحكمة والمصلحة؛ فإن الشارع احتاط للقصاص والدماء واحتاط لحد الزنا، فلو لم يقبل في القتل إلا أربعة لضاعت الدماء، وتواثب العادون، وتجرءوا على القتل؛ وأما الزنا فإنه بالغ في ستره كما قدر الله ستره، فاجتمع على ستره شرع الله وقدره، فلم يقبل فيه إلا أربعة يصفون الفعل وصف مشاهدة ينتفي معها الاحتمال؛ وكذلك في الإقرار، لم يكتف بأقل من أربع مرات حرصا على ستر ما قدر الله ستره، وكره إظهاره، والتكلم به، وتوعد من يحب إشاعته في المؤمنين بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة.

فصل [(11) الحكمة في جلد قاذف الحر دون العبد] وأما جلد قاذف الحر دون العبد فتفريق لشرعه بين ما فرق الله بينهما بقدره، فما جعل الله سبحانه العبد كالحر من كل وجه لا قدرا ولا شرعا، وقد ضرب الله سبحانه لعباده الأمثال التي أخبر فيها بالتفاوت بين الحر والعبد، وأنهم لا يرضون أن تساويهم عبيدهم في أرزاقهم، فالله سبحانه وتعالى فضل بعض خلقه على بعض، وفضل الأحرار على العبيد في الملك وأسبابه والقدرة على التصرف، وجعل العبد مملوكا والحر مالكا، ولا يستوي المالك والمملوك.

وأما التسوية بينهما في أحكام الثواب والعقاب فذلك موجب العدل والإحسان؛ فإنه يوم الجزاء لا يبقى هناك عبد وحر ولا مالك ولا مملوك.

فصل [(12) الحكمة في التفريق بين عدة الموت والطلاق].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير