وليست مخالفة هذه القواعد والأنظمة مما يعود ضرره على السائق وحده، بل إنه يتعدى ذلك إلى غيره من الناس، فالحوادث التي تحصل في الطرق نتيجة مخالفة تلك القواعد والأنظمة يكون فيها - غالباً - أطراف متعددة، وهذا يزيد من مسئولية المخالف ويشغل ذمته بأحكام متعددة كالدية والصيام وتعويض الضرر وغيرها.
وتعزير المخالف بدفع الغرامة المالية جائز شرعاً، وهو قول إسحاق بن راهويه وأبي يوسف صاحب أبي حنيفة، وابن فرحون من المالكية، وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، بل قد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه " الطرق الحكمية " أدلة كثيرة على جواز التعزير بالمال، ونقل كلام شيخ الإسلام فيه، ورد على من قال بنسخه وفي " حاشيته على تهذيب سنن أبي داود " (4/ 319) قال: " وفي ثبوت شرعية العقوبات المالية عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت نسخها بحجة وعَمِل بها الخلفاء بعده " انتهى
وينبغي أن تكون الغرامة معقولةً بحيث تحصل المصلحة المقصودة منها، وهي ردع الناس عن هذه المخالفة، ولا بأس بأن تكون مرتفعة بحسب طبيعة المخالفة وقوة أثرها على النفس والآخرين.
ومما لا شك فيه أن استعمال السائق للجوال أثناء قيادة السيارة مما يسبب حوادث قد تؤدي إلى إزهاق أرواح، فضلاً عن إتلاف أموال. وقد تنادى العقلاء في كل أرجاء الأرض إلى ضرورة التشديد في العقوبة لمنع استعمال الجوال أثناء القيادة، وقد قامت أبحاث ميدانية في " بريطانيا " تبيَّن بها أن التأثير السلبي لاستعمال الجوال يفوق ما تحدثه الخمور من تأثير على قدرة السائق في التحكم بالسيارة! وهذه الأبحاث بيَّنت أن قائد السيارة الذي يستعمل الهاتف الجوال أثناء القيادة أقل تحكماً بالقيادة بنسبة ثلاثين بالمائة بالمقارنة بمن يقودها وهو في حالة السكر!! أما بالمقارنة مع الشخص العادي فإن تحكم من يستعمل الهاتف الجوال أثناء القيادة أقل بنسبة خمسين بالمائة!
بل إن بعض الخبراء يقولون: إن استعمال السائقين للجوال أثناء قيادة سياراتهم حتى ولو كان عن طريق سماعات الأذن فإنه يضاعف احتمالات وقوع حوادث بنسبة 400 بالمائة! وانظر تفصيل ذلك في " جريدة الوطن " القطرية، الأربعاء 20/ 7 / 2005.
والخلاصة: أن استعمال الهاتف الجوال أثناء قيادة السيارة سبب رئيس لحصول الحوادث، فترتيب عقوبة على هذه المخالفة سواء كانت بتغريم مال، أو السجن له ما يبرره، وعليه: لا يجوز لك دفع رشوة للشرطي حتى لا يوقع عليك هذه العقوبة، لأنك أنت المقصّر والمتعدي، إلا إذا كان الشرطيّ ظالماً، بحيث ادَّعى عليك شيئاً لم تفعله، فلا حرج في هذه الحالة إذا لم تستطع التخلص من ظلمه إلا بدفع رشوة له أو لغيره. والله أعلى وأعلم
س: وسألته رحمه الله: عن بيع بعض المحلات للهاتف الجوال، ويسددون ثمن الشريحة لشركة الاتصالات، ثم يقسطون كل المبلغ على المشتري، ويكون بالزيادة؟
فقال: الظاهر أن هذا لا يجوز؛ لأن المشتري يقول للبائع: أقرضني ثمن الشريحة، أي: سدد عني لشركة الاتصالات ثم أسدد لك بزيادة، وهذه الزيادة رباً، لكن يجوز أن يبيعه الهاتف فقط بالأقساط لأنه يملكه، أما أن يقول: سدد عني الشريحة وأعطيك بزيادة، فهذا قرضٌ بزيادة وهو رباً.
شريط (100) فائدة من العلامة الشيخ ابن عثيمين) للشيخ: (محمد المنجد)
س: يقول: اشتريت جهاز جوال بثلاثمائة وخمسين ريالا على أن أدفع للشخص مبلغ أربعمائة وخمسين ريالا، دفعت منها مائة ريال نقدا والباقي كل شهر خمسون ريالا هل هذا البيع جائز؟
ج: إذا حصل الاتفاق بينك وبين صاحب الجوال على أن يبيعك إياه بأربعمائة وخمسين ريالا مؤجلة وكان الاتفاق على ذلك من بداية العقد فالبيع جائز ولا محظور فيه أما إن كان بيعك بثلاثمائة وخمسين ثم جعل بعد ذلك زيادة مائة ريال مقابل التأخير والعجز عن السداد فهذا غير جائز؛ لأنه من الربا المحرم الذي قال الله عنه سورة البقرة الآية 275 وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا كفانا الله وإياكم بحلاله عن حرامه.
من مجلة البحوث الإسلامية (الجزء رقم: 68، الصفحة رقم: 86) > العدد الثامن والستون - الإصدار: من ذو القعدة إلى صفر لسنة 1422هـ 1423هـ > الفتاوى > من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ > البيع بالأجل
¥