48. فالمسألة فيها شيء من الإرباك, والذي يراه الشيخ ابن باز أنه لا إشكال في أن يقال باتحاد المطالع أو باختلاف المطالع, لا فرق, وهذه لم تحدِث مشكلة على مر العصور بالنسبة للأمة, مع أنه وُجِد في بعض العصور من يفتي باتحاد المطالع, ووُجِد في بعض العصور من يفتي باختلاف المطالع. لكن لما كانت الأمة في السابق تحت قيادةٍ واحد كان من الممكن إلزام الأمة في شرقها وغربها, وهذا غير ممكن الآن, لكن إذا اجتهد علماء كل دولة ممن تبرأ الذمة بتقليدهم فلا يوجد إشكال إن شاء الله تعالى.
ـ[أبوهاجر النجدي]ــــــــ[15 - 08 - 07, 12:21 ص]ـ
49. حديث ابن عمر (تراءى الناس الهلال, فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته, فصام وأمر الناس بصيامه): الحديث صحيح, ويشهد له حديث ابن عباس أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال, فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم, قال: أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال: نعم, قال: فأذن في الناس يا بلال أن يصوموا غداً.
50. التراءي لا يكون إلا لما في رؤيته مشقة, وهو أمر مطلوب, فعلى من عرف نفسه بقوة البصر وحدته أن يسعى لهذا, وعلى ولي الأمر أن يكلف من يقوم بذلك.
51. أثبت عليه الصلاة والسلام دخول الشهر برؤية ابن عمر.
52. وأثبت رؤية الهلال بشهادة الأعرابي, واكتفى منه بإسلامه, ويستدل بهذا الحديث من لا يشترط العدالة, لكن هذا صحابي تشمله النصوص التي تزكي الصحابة, فالصحابة كلهم عدول ثقات, فيختلف الأمر بالنسبة لهم عمن جاء بعدهم, وجهالة الصحابي لا تضر. مع أن الحديث فيه ضعف, إلا أنه يشهد له حديث ابن عمر, ويُقبَل مثله في باب الاستشهاد, وإن لم يعتمد عليه بمفرده.
53. هلال رمضان يثبت برؤية واحد, بدليل حديث ابن عمر وما يشهد له.
54. هل هذا الإخبار من قبيل الرواية؟ أو هو ملحق بالشهادة؟ الأشهر التي الملحظ فيها دنيوي هي بالأمور الدنيوية ألصق, وأمور الدنيا يُطلَب لها أكثر من شاهد, وأمور الدين - بما في ذلك رواية الحديث - يكفي فيها واحد, فتكون من قبيل الأخبار, فابن عمر أخبر ولم يشهد, أخبر وهو عدل ثقة فيُقبَل خبره, لأنه في أمور الدين.
55. إذا ثبت الحكم برواية واحد فليثبت تنفيذه برواية واحد, ونظيره في الجرح والتعديل, يكفي في تعديل الراوي تعديل واحد, لأن هذه أمور تعبدية, تختلف عن أمور الدنيا التي يدخلها ما يدخلها من المؤثرات.
56. من هو جاهل كذاب مستبعد أصلاً ومجروح, والمسألة مفترضة في من يخبر وهو ثقة, لأن المسلم يتأثم في إثبات دخول شهر عبادة وهو ليس بصادق, وإذا اتهم في خروج رمضان ليرتاح من الصيام فإنه لن يتهم في إدخاله, والمسألة مفترضة في ثقة. ومثله في رواية الحديث, لأن الناس يتعاظمون الكذب على النبي عليه الصلاة والسلام, فاكتُفي بواحد.
57. رمضان الملحوظ فيه التعبد, فإثباته ملحق بالروايات والأخبار, يكفي فيه واحد, بدلالة حديث ابن عمر.
58. بالإمكان أن يشهد شخص بأنه رأى هلال ربيع الأول مثلاً, لأن له ديناً يحل على شخصٍ آخر بدخول شهر ربيع الأول, وبالإمكان أن يشهد بذلك لأنه يريد أن يتزوج امرأةً يترقب خروجها من العدة, وهذه أمور دنيا, فلذلك يُشَدَّد في أمرها لأن فيها مجال للتلاعب, فيُطلَب لها أكثر من شاهد.
59. لما كان شهر العبادة يتعاظم الناس الشهادة بالرؤية من غير رؤية حقيقية اكتفي بالواحد, وأيضاً هو احتياط للعبادة لأننا لو أهدرنا شهادة الواحد لأمكن أن يفوتنا صيام يوم من رمضان, فمن باب الاحتياط للعبادة يثبت دخول الشهر بواحد, ولا يخرج إلا باثنين كغيره من الشهور.
60. الحديث دليل على العمل بخبر الواحد, لأنا ألحقناه هنا بالأخبار لا بالشهادات, وبقية الأشهر من باب الشهادات لأنه يترتب عليها أمور دنيوية لا تثبت إلا باثنين, وكذلك وسائلها لا تثبت إلا باثنين.
61. جاء في حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته, فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً, إلا أن يشهد شاهدان): مفهومه أن الواحد لا يكفي, لكن حديث ابن عمر من حيث الصناعة أقوى منه, مع ما يشهد له من حديث الأعرابي, ثم إن مفهوم هذا الحديث معارض بمنطوق حديث ابن عمر, والمنطوق مقدم على المفهوم.
62. (أعرابي) نسبة إلى الجمع على خلاف الأصل, لكن لأنه جرى مُجرَى العَلَم صحت النسبة إليه.
¥