63. حديث حفصة (من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له): هذا الحديث مما اختُلِف في رفعه ووقفه, وهو ثابت من قول ابن عمر موقوفاً عليه, وهو أيضاً ثابت من حديث حفصة وأم سلمة بالرفع إلى النبي عليه الصلاة والسلام وبالوقف عليهما, وعلى التنزل بأنه موقوف فإنه له حكم الرفع, لأن نفي الصحة عن العبادة لا بد فيه من توقيف, ولا يدخله الاجتهاد, علماً بأنه يشمله الحديث المتفق عليه (إنما الأعمال بالنيات) , فالنية السابقة للعبادة شرط لصحة العبادة, لأن الشرط قبل المشروط.
64. (أل) في قوله (الصيام) يحتمل أن تكون عهدية, فيكون المراد الصيام المعهود وهو صيام رمضان, ويحتمل أن تكون جنسية, فيكون المراد جنس الصيام أي جميع أنواع الصيام, لكن عموم هذا الجنس مخصوص بحديث عائشة رضي الله عنها.
65. حديث عائشة (دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا, قال: فإني إذاً صائم, ثم أتانا يوماً آخر, فقلنا: يا رسول الله أهدي لنا حيس, فقال: أرينيه, فلقد أصبحت صائماً, فأكل): مفهوم الجملة الأولى أنه سيأكل لو قالوا له (نعم) , ومفهوم الجملة الثانية أنه لو لم يجد عندهم شيئاً صام.
66. مفهوم الجملة الأولى مؤيد لمنطوق الجملة الثانية, ومفهوم الجملة الثانية مؤيد لمنطوق الجملة الأولى, فدلت الجملتان بالمنطوق والمفهوم على أن صيام النفل يصح من أثناء النهار.
67. يحمل حديث حفصة على الصيام الواجب, ويحمل حديث عائشة على صيام النفل, لأنه جاء في النوافل من التساهل ما لم يأت نظيره في الفرائض, والاحتياط للواجبات يكون أكثر من الاحتياط للمندوبات.
68. العمل بالحديثين معاً أولى من القول بالترجيح أو النسخ.
69. الحيس هو التمر مع السمن والأقط.
70. قوله (أرينيه): قبل أن يأتي العزم على الإفطار, ليتأكد من وجوده لئلا يعزم على الفطر قبل أن يوجد المبرر أو ليرى هل إعداده مناسب مما تشتهيه النفس أو لا, لأن بعض الناس ينوي الفطر, ثم بعد ذلك يكون الطعام الذي يريد أن يأكله غير مناسب له.
71. النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن عنده نية أن يفطر إلى أن قيل له (أهدي لنا حيس) , فقال (أرينيه) يعني إن كان يستحق أن أقطع الصيام من أجله وإلا فلا.
72. الفرض ينبغي أن يُحتاط له فلا يدخله مثل هذا التردد بخلاف النفل, لأن الفقهاء ينصون على أن من نوى الإفطار أفطر.
73. العلماء يشترطون استمرار حكم النية دون استمرار ذكرها, ومعنى استمرار الحكم هو أن لا ينوي قطع العبادة.
74. قطع النية والتردد فيها بعد الفراغ من العبادة لا أثر له ألبتة.
75. لو نوى نقض الوضوء أثناء الوضوء انتقض ولزمه الاستئناف, وكذا لو تردد في نقض الوضوء أثناء الوضوء, ولو نقضه بعد الفراغ أو تردد في نقضه بعد الفراغ لم ينتقض.
76. لو نوى الإفطار أثناء الصوم أو تردد فيه أفطر, ولو نوى إبطال الصوم بعد الفراغ منه أو تردد فيه بعد الفراغ منه لم يتأثر صومه ألبتة.
77. بعضهم يلتمس شيئاً لمثل هذا التفريق مما لا يظهر وجهه وهو أن الصيام يُدخَل فيه بالنية فيُخرَج منه بالنية, بخلاف العبادات الفعلية لا يُخرَج منها إلا بفعل ولا يُخرَج منها بنية.
ـ[أبوهاجر النجدي]ــــــــ[16 - 08 - 07, 10:08 م]ـ
78. الكلام مع النساء الأجنبيات لا شك أنه وسيلة وباب لشرٍّ مستطير وخطرٍ عظيم. والكلام مع المرأة الأجنبية محرم إلا بقدر الحاجة, كمن اتصلت لتستفتي, فإنها تجاب بقدر ما يتطلبه السؤال من جواب, وجمع من أهل العلم ينصون على أن صوت المرأة عورة, لكن إن دعت الحاجة فلا بأس به بقدر الحاجة ومع أمن الفتنة, لأنه مع وجود الفتنة لا يجوز لها أن تخاطب الرجال ولو مع الحاجة, لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
79. هل يشترط في كل يوم بعينه أن ينوى صيامه من الليل؟ أو يكفي نية واحدة لرمضان كله؟ الجواب: مثل هذا السؤال لا يحتاجه إلا شخص يحتاج إلى أن يلفظ بالنية ويستحضرها. فنقول: النية هي مجرد العزم صوم رمضان كاملاً, ولا يشترط قدر زائد على ذلك, لكن منهم من يقول إننا نحتاج إلى أن نجدد النية كل ليلة لأن صيام كل يوم عبادة مستقلة, فيحتاج كل يوم إلى نية. نقول: الحاجة هنا داعية إلى عدم قطع النية, ولسنا بحاجة إلى استمرار ذكر النية, فالشرط هو استصحاب حكم النية بأن لا ينوي قطعها.
¥