80. من أراد السفر في ليلة من ليالي أيام الصيام ونوى الفطر في سفره: بهذا يكون قد قطع النية, فيحتاج إلى تجديدها إذا عدل عن رأيه وعن سفره. وأما إن كان مقيماً صحيحاً عازماً على صيام رمضان كاملاً فهذه هي النية, والذي يقول إن رمضان عبادة واحدة فإنه يستحضر النية في أول ليلة, وهذا يكفيه, وهو الأصل.
81. حديث سهل بن سعد (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر): في رواية (وأخروا السحور) , وجاء في الرواية الأخرى (لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر وأخروا السحور) , وإذا كان الدين ظاهراً فالناس بخير.
82. الصيام عبادة محددة بوقت محدد شرعاً, فمن تقدم في سحوره على طلوع الفجر لا شك أنه أخطأ السنة, وإن قصد الاحتياط للعبادة بغير مبرر للاحتياط. الاحتياط للعبادة مطلوب لو كان يعرف طلوع الفجر وليس عنده من يعرف ذلك, لكن لا داعي للاحتياط إذا وُجِد مكان يُعرَف فيه الوقت بدقة, لأنه مخالف للتوجيه الشرعي.
83. الاحتياط إنما يُطلَب عند احتمال الوقوع في المخالفة, وأما إذا أدى الاحتياط إلى ارتكاب محظور أو ترك مأمور فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط.
84. إذا كان يرى أن فعله أكمل من فعل النبي عليه الصلاة والسلام أو أكمل مما وجه إليه النبي عليه الصلاة والسلام فإنه يدخل في حيز الابتداع.
85. يدخل في حيز الابتداع من يزيد على القدر المشروع إذا ألحقه بالمشروع.
86. جاءت العلة في تعجيل الفطر في بعض الروايات بعدم مشابهة اليهود والنصارى, لأنهم يؤخرون الإفطار إلى اشتباك النجوم, ويوجد ممن ينتسب إلى الإسلام من يؤخر صلاة المغرب والفطر إلى اشتباك النجوم تشبهاً باليهود والنصارى نسأل الله السلامة والعافية.
87. قوله عليه الصلاة والسلام (إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم): معنى (فقد أفطر الصائم) أي دخل في وقت الفطر, لأنه لو أفطر ما صار لهذه النصوص فائدة, ولو أفطر ما صار للنهي عن الوصال فائدة.
88. حديث أبي هريرة (أحب عبادي إلي أعجلهم فطراً): فيه ضعف, ومعناه يشهد لحديث الباب الذي في الصحيحين, ولاشك أن من يلتزم الأوامر ويجتنب النواهي محبوب عند الله جل وعلا, فالمعنى صحيح.
89. حديث أنس (تسحروا فإن في السحور بركة): الأمر بالسحور أمر إرشاد, والعلة تدل على ذلك, تحصيلاً للبركة المرتبة عليه. فالسحور مستحب, لهذا الأمر, ولاشك أنه مبارك, لكن يبقى أنه يأخذ حكم الأكل, إضافةً إلى ما يدعمه مما جاء في السحور على وجه الخصوص, فالشخص المتخم أو الذي يضره الأكل يتسحر بأقل ما يطلق عليه السحور, وإذا كان بحاجة إلى الأكل اتجه إليه الأمر به, ففرق بين من يضره الأكل وبين من يضره ترك الأكل, فيعود إلى حكم الأكل الأصلي, إلا أن القدر الذي يطلق عليه أنه سحور - بحيث يقطع الوصال - فيه بركة ويعين على ما أمامه من ساعات النهار. ولا شك أن اتباع السنة ومخالفة أهل الكتاب بركة, لأنه جاء في الحديث (فصل بيننا وبين أهل الكتاب أكلة السحر).
90. ذكر الإمام مالك في الموطأ عن حميد بن عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان كانا يصليان المغرب إذا رأيا سواد الليل ثم يفطران: منهم من يقول إن المخالفة للنص تكون في التأخير الذي يصل إلى حد اشتباك النجوم, لكن لا شك أن هذا تأخير, فالمطلوب المبادرة وتعجيل الإفطار, وما عدا ذلك تأخير. وحميد بن عبد الرحمن لم يدرك عمر, فهو يحكي قصة لم يشهدها, وأما إدراكه لعثمان فهو بيِّن, لكنه لم يقل إني رأيت عمر وعثمان, فالخبر لا شك أن فيه ما فيه, والذي يغلب على الظن أنه لم يثبت, والعبرة بالمرفوع, والثابت عنه عليه الصلاة والسلام أنه لم يصل المغرب إلا بعد فطره.
91. حديث سلمان بن عامر الضبي (إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر, فإن لم يجد فليفطر على ماء, فإنه طهور): هذا الحديث مضعف عند أهل العلم, وحديث عمران بن حصين فيه ضعف أيضاً, فهذا لم يثبت من قوله عليه الصلاة والسلام, لكنه ثبت من فعله, كما جاء في الحديث الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام كان يفطر على رطبات فإن لم يجد فعلى تمرات فإن لم يجد حسا حسوات من ماء.
¥