تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

156. الذين يقولون إن الفطر مع النسيان لا يؤثر يفرِّقون بين الأكل والشرب والجماع, فيقولون إن الأكل والشرب يُتَصَوَّر فيه النسيان, وأما الجماع فلا يُتَصَوَّر فيه النسيان, كما أنهم فرقوا في مسألة الإكراه بالنسبة للرجل, فيقولون إنه لا يُتَصَوَّر إكراهه على الزنا بخلاف المرأة, لأنه إذا أُكرِه لا ينتشر بخلاف المرأة.

157. الجادة أن يكون حكم الأكل والشرب والجماع واحداً, وبهذا قال أكثر من يعذر بالنسيان, ورواية الحاكم كالصريحة في إرادة الجماع, لأنه لا كفارة إلا في جماع.

158. يجب الإنكار على من رأى شخصاً يتناول المفطِّر في رمضان, لأن ظاهر هذا الفعل منكر, وإلا لتذرع بذلك كثير من الفساق.

159. النسيان مرفوع الإثم والتبعة لا سيما في الإيجاد, وأما في العدم فلا بد من الإتيان بما عُدِم نسياناً.

160. حديث أبي هريرة (من ذرعه القيء فلا قضاء عليه, ومن استقاء فعليه القضاء): قوله (من ذرعه القيء) أي سبقه وغلبه.

161. بعض الناس مبتلى بسعة في فم المعدة, فإذا ركع في صلاته وهو صائم لا بد أن يخرج شيء, ثم إذا رفع عاد, لكنه إذا وصل إلى الفم فإنه يستطيع أن يتحكم فيه, فإذا كان يستطيع أن يتحكم فيه يلزمه أن يخرجه من فمه بأي طريقة, فإن أعاده وهو صائم أفطر, وإذا حاول أن يخرجه فلم يستطع فحكمه حكم المغلوب.

162. قوله (فلا قضاء عليه): لأنه غلبه من غير قصد منه.

163. قوله (ومن استقاء فعليه القضاء): أي ومن استدعى وطلب القيء فعليه القضاء, لأن القيء مفطِّر عند جمع من أهل العلم, حتى نقل ابن المنذر الإجماع على أن تعمد القيء يفطِّر الصائم.

164. لكن جمع من أهل العلم لا يرون أنه مفطِّر, وإنما الفطر مما دخل لا مما خرج, وهذا ذكره الإمام البخاري معلقاً في صحيحه (الفطر مما دخل لا مما خرج) , والوضوء بالعكس, لكن هذا القول لم يُسَلَّم طرداً ولا عكساً, فالدم خارج عند من يقول بالفطر بالحجامة, والقيء خارج عند من يقول بالفطر بتعمد القيء, وأكل لحم الجزور داخل عند من يقول بنقض الوضوء بأكل لحم الجزور.

165. الحديث صححه بعض العلماء, والدار قطني يقول (رواته كلهم ثقات) , والحاكم يقول (صحيح على شرط الشيخين) , والبخاري يقول (لا أُراه محفوظاً, وقد روي من غير وجه, ولا يصح إسناده, وأنكره أحمد) لكن الحديث قابل للاحتجاج والتحسين.

166. قوله (ومن استقاء فعليه القضاء): أي من طلب القيء واستدعى خروجه, وهذا أعم من أن يستجيب له القيء فيخرج أو لا يستجيب له فلا يخرج, فالنص يتناول ما إذا خرج القيء وما إذا لم يخرج.

167. قوله (من استقاء فعليه القضاء:): يعني من طلب خروج القيء فخرج منه القيء, فإنه يفطر وعليه القضاء, وهذا هو ظاهر النص, لأن الفطر في هذا معلق بالقيء, بدليل قوله (من ذرعه القيء) , والمسألة كلها تدور على القيء, والقيء هو خروج الطعام من المعدة.

168. ماذا لو استدعى خروج القيء فلم يخرج؟ الجواب: إن كان يعرف أن القيء مفطِّر فقد نوى الإفطار, ويكون أفطر من هذه الحيثية, وهذا إذا كان ممن يرد على ذهنه أن من نوى الإفطار أفطر.

169. إذا كان من أهل النظر وتحرر عنده أن القيء لا يفطِّر فإنه لا يدخل في أصل المسألة. والجاهل إذا سأل من تبرأ الذمة بتقليده فهو بحسب ما يفتى, إن أفتاه من يرى التفطير أفطر, وإن أفتاه من لا يرى التفطير لم يفطر.

170. أثر النية بعد الفراغ من العبادة يختلف عن أثرها في أثناء العبادة, فمن نوى نقض الوضوء بعد الفراغ من الوضوء لا ينتقض وضوءه, بخلاف من نوى نقضه في أثناء الوضوء فإنه ينتقض, لأنه في أثناء العبادة يشترط استصحاب حكم النية, وأما من استدعى القيء فلم يخرج فقد نوى الفطر في أثناء العبادة, ومن نوى الإفطار أفطر, إذا كان يعرف أن القيء مفطِّر.

171. شخصٌ يعرف أن التبرع بالدم مفطِّر ذهب إلى المستشفى ليتبرع ولما باشر الأسباب قيل له (اكتفينا): مثل هذا نوى الأفطار, لأنه عازم بدليل بذله الأسباب للإفطار, وعند أهل العلم أن من نوى الإفطار أفطر.

172. لكن هل مثل هذا التردد والهم والبذل الموقوف على قبولهم له (إن قبلوا وإلا رجعت) له أثر في الصيام؟ يقال: هذا على حسب غلبة الظن, إن كان يغلب على الظن أنهم يحتاجونه فمثل هذا مؤثر, لأن الأحكام تبنى على غلبة الظن, وإن كان يغلب على الظن أنهم لا يحتاجونه فإنه لا يؤثر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير