196. عند الجمهور أن الكفارة لا تلزم إلا من جامع في نهار رمضان, ولا تلزم من أفطر بالأكل أو الشرب عمداً.
197. الفقهاء يقولون إن من جامع في نهار رمضان عليه كفارة ظهار, ولم يقولوا إن عليه كفارة مجامع في نهار رمضان مع أنها ثابتة بالنص لا بالقياس, لأن مثل هذا النص في السنة قد يخفى على كثير من الناس, بخلاف ما ثبت بالقرآن الذي يعرفه العام والخاص. كما قال عبادة: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء. مع أن بيعة الرجال كانت قبل بيعة النساء, لأن بيعة النساء مسطرة في القرآن بينما بيعة الرجال في السنة.
198. قالوا إن عليه كفارة ظهار ولم يقولوا إن عليه كفارة قتل, لأن كفارة القتل ليس فيها التنصيص على الإطعام, وإن قال به بعضهم بالإلحاق.
199. الظهار فيه افتراق, فلا يجوز له أن يمس امرأته حتى يكفِّر, وليس الأمر كذلك في مسألة الجماع في نهار رمضان.
200. الرقبة في الحديث مطلقة, وهي كذلك في كفارة الظهار, وفي كفارة القتل مقيدة بكونها مؤمنة, فلا بد أن تكون الرقبة مؤمنة في كفارتي الظهار والجماع في نهار رمضان حملاً للمطلق على المقيد, لأنه مع اتحاد الحكم يمكن أن يحمل المطلق على المقيد وإن اختلف السبب, والحكم هنا واحد وهو وجوب العتق, وأما إذا اختلف الحكم فلا يحمل المطلق على المقيد وإن اتحد السبب, وإذا اختلفا معاً لا يحمل, وإذا اتحداً معاً فالحمل متفق عليه.
201. قوله (فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين): لو أفطر بينهما يوماً واحداً لزمه الاستئناف من جديد, إلا إذا أفطر بعذر يبيح له الفطر في رمضان فلا ينقطع التتابع, لأن صيام رمضان آكد.
202. قوله (فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا, ثم جلس): وفي رواية (قال له: اجلس) انتظاراً للفرج من وحي أو غيره.
203. (فأُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَقٍ فيه تمر): العَرَق هو الزنبيل أو المكتل, فيه خمسة عشر صاعاً كما في حديث أبي هريرة, أو عشرون صاعاً كما في حديث عائشة.
204. قوله (تصدق بهذا): إذا تبرع أحد بدفع الكفارة برضا من لزمته وبعلمه فإنها تجزئ, وأما مسألة التبرع بإخراج الزكاة فقد جاء في حديث عمر أن ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس منعوا الزكاة, فجاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يذكر له ذلك, فقال عليه الصلاة والسلام (أما خالد فقد احتبس أدراعه وعتاده في سبيل الله, وأما ابن جميل فما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله, وأما العباس فهي علي ومثلها) , فهذا تحمُّل للزكاة, وإن قال بعض أهل العلم أنه تعجل منه زكاة عامين.
205. وهنا لولا أن مثل هذا تدخله النيابة ويتحمله غيره عنه لما قال (تصدق بهذا) , والفقير بين أمرين: إما أن تسقط عنه كما قال بعض أهل العلم, وإما أن تبقى ديناً في ذمته كما قاله الأكثر, وهو الأقيس كغيرها من الديون والواجبات.
206. قوله (فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا): وفي رواية (فو الله ما بين لابتيها) فأقسم على غلبة ظنه, ولم ينكر عليه النبي عليه الصلاة والسلام, ولذا يجوِّز جمع من أهل العلم القسم على غلبة الظن.
207. قوله (اذهب فأطعمه أهلك): هل هذا الطعام هو الكفارة؟ وهل يصح أن يدفع الإنسان الكفارة لأهله؟ أو يقال إن هذا الطعام كان إسعافاً لهذا البيت الذي لا يوجد في المدينة بيت أفقر منه وتبقى الكفارة مسكوت عنها؟ ولذا يرى جمع من أهل العلم أن الكفارة تبقى ديناً في ذمته ويدفعها متى أيسر, ومنهم من يستدل بالحديث على أنه إذا كان معسراً أثناء وقت الكفارة فإنها تسقط عنه, والحديث محتمل, وكل منهم استدل بهذا الحديث, والأقيس والجاري على القواعد أنها تبقى ديناً في ذمته كغيرها من الديون, إن أيسر في بقية عمره دفعها, وإلا فالله جل وعلا يتولاها, ولذا أهل العلم يقولون في الحقوق الخمسة المتعلقة بالتركة: الأول مؤونة التجهيز, والثاني الديون المتعلقة بعين التركة كالديون برهن, والثالث الديون المطلقة التي لا تتعلق بعين التركة كديون الآدميين والكفارات, والرابع الوصايا, والخامس الإرث, وقوله عليه الصلاة والسلام (دين الله أحق أن يقضى) يدل على أن هناك ما يثبت في ذمة المكلف من الدين لله جل وعلا.
¥