208. بعض علماء الأندلس أفتى بعض الأمراء ممن وقع على أهله في رمضان بالصيام قبل العتق, وقال لو أفتي بالعتق لوقع على امرأته كل يوم لسهولة العتق عليه, بخلاف صيام شهرين متتابعين, وهذه فتوى باطلة لأنها مخالفة للنص.
209. إطعام الستين مسكيناً فيه خلاف: هل يكفي مد؟ أو لا بد من نصف صاع؟ والأحوط أن يُجعَل نصف صاع من طعام.
210. سواء أطعم الستين مجتمعين أو متفرقين, فالمقصود إخراج ثلاثين صاعاً أو خمسة عشر صاعاً, على الخلاف المعروف.
211. ليس في الرواية التي ساقها المصنف ما يدل على أنه يقضي يوماً مكانه, لكن جاء من طرق تثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (صم يوماً مكانه واستغفر الله) , ومنهم من يقول إن الروايات أكثرها ليس فيه التنصيص على القضاء, فلا قضاء عليه, فالكفارة بمجموعها بدل عن هذا الصيام الذي أُبطِل, وبهذا قال بعض العلماء, لكن الرواية التي فيها الأمر بالقضاء صحيحة وثابتة, وهي القاعدة أن من أفطر فعدة من أيام أخر بما في ذلك الفطر بالجماع.
212. لم يُتَعَرَّض لذكر المرأة في طرق الحديث, لكن النساء شقائق الرجال, فإذا حصل من المرأة شيء من المفطرات بطوعها واختيارها لزمها ما يلزم الرجل.
213. الرجل مجامِع والمرأة مجامَعة, والرجل محصِن والمرأة محصَنة, والإحصان تترتب عليه آثاره بالنسبة للرجل, والأمر كذلك بالنسبة للمرأة, وإن كان هذا اسم فاعل وذاك اسم مفعول, فكذلك المجامِع دلت النصوص على أنه تلزمه الكفارة, والمجامَعة تلزمها الكفارة أيضاً, وهذا إذا كانت مطاوعة, وأما إذا كانت مكرهة فالمكره لا تكليف عليه, لكن ليُعلَم القدر من الإكراه الذي يرتفع به التكليف.
214. حديث عائشة وأم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً من جماع ثم يغتسل ويصوم): يصوم صياماً صحيحاً كاملاً ولو لم يغتسل إلا بعد طلوع الصبح.
215. جاءت امرأة أرسلها زوجها تسأل أم سلمة فأخبرتها أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يفعل ذلك, فقال الرجل (النبي عليه الصلاة والسلام غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) يعني له أن يفعل هذا, لكن لسنا مثله, فردها إلى أم سلمة مرة ثانية, فجاءت والنبي عليه الصلاة والسلام عندها فقال (ألم تخبريها؟) قالت (أخبرتها).
216. قال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: كنت أنا وأبي عند مروان بن الحكم وهو أمير المدينة فذكر أن أبا هريرة يقول: من أصبح جنباً أفطر ذلك اليوم. فقال مروان: أقسمت عليك يا عبد الرحمن لتذهبن إلى أم المؤمنين عائشة وأم سلمة فلتسألنهما عن ذلك, قال أبو بكر: فذهب عبد الرحمن وذهبت معه حتى دخلنا على عائشة فسلمنا عليها, ثم قال عبد الرحمن: يا أم المؤمنين, إنا كنا عند مروان فذكر له أن أبا هريرة يقول: من أصبح جنباً أفطر ذلك اليوم. فقالت عائشة: ليس كما قال أبو هريرة، يا عبد الرحمن أترغب عما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع؟ قال: فقال عبد الرحمن: لا والله, قالت: فأشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصبح جنباً من غير احتلام ثم يصوم ذلك اليوم. قال: ثم خرجنا حتى دخلنا على أم سلمة فسألها عن ذلك, فقالت مثل ما قالت عائشة رضي الله عنهما. قال: فخرجنا حتى جئنا مروان, فذكر له عبد الرحمن ما قالتا, فقال مروان: أقسمت عليك يا أبا محمد لتركبن دابتي فإنها بالباب فلتذهبن إلى أبي هريرة فإنه بأرضه بالعقيق فلتخبرنه ذلك. قال أبو بكر: فركب عبد الرحمن وركبت معه حتى أتينا أبا هريرة, فتحدث معه عبد الرحمن ساعة, ثم ذكر ذلك له, فقال أبو هريرة: لا علم لي بذلك إنما أخبرنيه مخبر. وهو الفضل بن العباس.
217. منهم من يثبت ما قاله أبو هريرة من أن من أصبح جنباً فلا صيام له نصاً عن النبي عليه الصلاة والسلام, لكنه منسوخ بهذا.
218. على كل حال وُجِد الخلاف القديم من أبي هريرة ومن يقول بقوله, ثم ارتفع الخلاف, فأجمع أهل العلم على أن من أصبح جنباً من جماع أو احتلام فإنه يغتسل ويصوم وصيامه صحيح.
219. نفي الاحتلام في النص إنما هو تصريح بما هو مجرد توضيح, لأن قولهن (من جماع) يعني أنه من غير احتلام, وأيضاً الجمهور على أن الاحتلام لا يحدث من الأنبياء لأنه من تلاعب الشيطان, ومنهم من أثبت الاحتلام على الأنبياء لهذا النص لأنه لو كان لا يحصل منهم لم يُحتَج إلى نفيه.
¥