تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

250. حديث أبي أيوب الأنصاري (من صام رمضان, ثم أتبعه ستاً من شوال, كان كصيام الدهر): الشرط (من صام رمضان) , فالذي لا يصوم رمضان لا ينفعه صيام الست, ومقتضى الشرط أنه لا بد من استكمال صيام رمضان قبل الست, لأنه قال (ثم أتبعه) , يعني بعد صيام رمضان كاملاً يُتبِعه ستاً من شوال.

251. على هذا لا بد من قضاء ما أفطره في رمضان ثم بعد ذلك يُتبِعه الست.

252. قد يقول قائل - وقد قيل -: القضاء وقته موسع, وهذه الست وقتها مضيَّق, فله أن يتطوع في الوقت الموسَّع, كما أنه له أن يصلي ما شاء قبل الفريضة بعد دخول وقتها, لكن التنظير غير مطابق, فمن دخل عليه وقت صلاة الظهر وفي ذمته صلاة الفجر مثلاً ليس له أن يتطوع قبل أن يصلي الفجر.

253. المسألة خلافية بين أهل العلم, وأكثر ما يستند إليه المجوِّزون للتطوع قبل استكمال القضاء فعل عائشة رضي الله عنها, وهو أنها يكون عليها الصوم من رمضان فلا تستطيع أن تقضيه إلا في شعبان, لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم منها, ويبعد أن تسمع النصوص الحاثة على صيام التطوع ثم لا تتطوع بالصيام, وهذا يقتضي أن تقدِّم التطوع على القضاء.

254. لكن ظاهر الحديث على أنه لا يصح التطوع قبل أن تُؤَّدى الفريضة.

255. قوله (ثم أتبعه ستاً من شوال): الأصل أن يقول (ستةً) لأن التمييز مذكر, والنحاة صرحوا بأنه يجوز الوجهان إذا لم يُذكَر الوجهان.

256. وقد صحّف الصوري قوله (ستاً) فقال (شيئاً) , لكن الروايات الصحيحة الثابتة جاء فيها (ستاً).

257. قال الجمهور بمقتضى هذا الحديث الصحيح الصريح, وهو أن صيام الست من شوال مستحب, وقال الإمام مالك إن صيامها ليس بمشروع, لأنه نص في موطئه أنه لم ير أحداً من أهل العلم والفضل يصومها, وما دام العمل على خلاف ذلك عند أهل المدينة فلا يُشرَع صيامها, والعمل عندهم حجة, لكن إذا ثبت النص فلا كلام لأحد, فقول الإمام مالك رحمه الله مرجوح, ومع ذلك يبقى أنه إمام وأنه نجم السنن وأنه إمام دار الهجرة, وليس هذا من القدح فيه, لكن الحق أحب إلينا منه رحمه الله.

258. قوله (كان كصيام الدهر): شهر رمضان عن عشرة أشهر, والست عن ستين يوماً, لأن الحسنة بعشر أمثالها, فمن صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال يكون كمن صام اثنا عشر شهراً.

259. جاء النهي عن صيام الدهر في قوله (لا صام من صام الأبد) , فصيام الدهر ليس بممدوح, وإن كان بعض أهل العلم قد استدل بحديث حمزة بن عمرو الأسلمي الذي جاء فيه (إني أسرد الصوم) على جواز صيام الدهر باستثناء العيدين وأيام التشريق.

260. كيف يُشَبَّه الممدوح – صيام رمضان والست - بالمذموم - صيام الدهر-؟ التشبيه يأتي في النصوص ولا يُرَاد به مطابقة المشبَّه بالمشبَّه به من كل وجه, كما شُبِّه إتيان الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أحياناً بصلصلة الجرس, فالوحي محمود والجرس مذموم, لكن الشبه إنما هو من وجه دون وجه, فيُشبَّه به من الوجه الذي فيه المطابقة وهو أنه صوت متدارك وقوي, لكن لا يُشبَّه به من الوجه المذموم وهو الإطراب والطنين. وكذلك تشبيه رؤية الباري برؤية القمر ليلة البدر, إنما هو تشبيه من وجه دون وجه, ومثل ذلك تشبيه السجود على اليدين ببروك البعير.

261. قال عليه الصلاة والسلام (الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة) وجاء في المسند (إلى ألفي ألف ضعف) وإن كان ضعيفاً إلا أن فضل الله لا يُحَد.

262. حديث أبي سعيد الخدري (ما من عبدٍ يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفاً): قوله (ما من عبد) يشمل الذكر والأنثى, اللهم إلا إن قلنا إن المراد بسبيل الله في الحديث الجهاد, والمرأة ليس عليها جهاد.

263. إذا زادت المشقة زاد الأجر, لأن المشقة التابعة للعبادة يُرَتَّب عليها الأجر العظيم من الله جل وعلا, وأما المشقة لذاتها فليس فيها أجر, إلا إذا ثبتت تبعاً للعبادة.

264. منهم من قال إن المراد بقوله (في سبيل الله) أي في الجهاد, والظاهر من صنيع البخاري أن هذا هو الراجح عنده, لأنه أدخله في كتاب الجهاد. ومنهم من قال إن المراد بقوله (في سبيل الله) أي خالصاً لوجه الله, وفضل الله واسع.

265. قوله (سبعين خريفاً): أي سبعين سنة, لأن الخريف فصل من الفصول الأربعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير