تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[ابو عبد الرحيم]ــــــــ[27 - 08 - 07, 04:05 ص]ـ

واصل بارك الله لك سعيك

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[27 - 08 - 07, 02:43 م]ـ

جزاك الله خيرا أبا عبد الرحيم.

المسألة الخامسة:

هل يجب أن تتقدم نية الصوم الصيامَ قبل طلوع الفجر؟

هذه مسألة وقع فيها الخلاف على أقوال:

القول الأول:

وهو مذهب الشافعي وأحمد وجماهير العلماء من السلف والخلف، أنه لابد أن ينوي الصوم الواجب بنية من الليل قبل الفجر، ولا يصح صومه بنية من النهار، بينما لا يشترط ذلك في صوم النفل، وأنه يصح أن ينشئ النية من النهار؛ واستدلوا بحديث عام، وآخر خاص، أما العام فهو حديث أم المؤمنين حفصة – رضي الله عنها الذي رواه الخمسة وغيرهم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: [من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له] وفي رواية للدارقطني: [لا صيام لمن لم يفرضه من الليل].، فهذا حديث عام يشمل الفرض والنفل، وخرج النفل بالحديث الخاص الذي خص هذا العام، وهو حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – الذي رواه مسلم: [قالت: دخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فقال: " هل عندكم شيء؟ " فقلنا: لا؛ قال: " فإني إذاً صائم ".

ثم أتانا يوما آخر، فقلنا: يا رسول الله: أهدي لنا حيس، فقال: " أرينيه، فلقد أصبحت صائما "، فأكل].

ووجه الدلالة من حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها - قوله – عليه الصلاة والسلام -: " فإني إذا صائم "، قالوا: فإنه – عليه الصلاة والسلام – أنشأ نية صيام النفل من النهار.

القول الثاني:

ذهب مالك وداود والمزني وابن حزم وابن الشوكاني إلى أنه لابد للصيام من نية تكون من الليل تسبق الفجر، سواء كان الصوم فرضا أو نفلا، واستدلوا بحديث أم المؤمنين حفصة السابق، وقالوا: إن حديث حفصة نص عام يشمل الفرض والنفل، وأما حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – الذي استدللتم به فإنه عليكم، لا لكم! فإنه من المتقرر أن أخذ الفقه من حديث ما لا يقتصر على رواية واحدة منه، بل لابد من جمع روايات هذا الحديث، فلا يقتصر الأمر بجمع الروايات المختلفة، بل ولابد من جمع الروايات الصحيحة – إن وجدت – للحديث الواحد لكي يكون فقه المسألة دقيقا شاملا، وفي مسألتنا هذه جاءت روايات لهذا الحديث – حديث أم المؤمنين عائشة – تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد بيت النية من الليل لصوم النفل ذاك، وإليكم البيان:

ففي بعض روايات مسلم:

[قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ يَا عَائِشَةُ: " هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ " قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ، قَالَ: " فَإِنِّي صَائِمٌ "، قَالَتْ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ، أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ، قَالَتْ: فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ، أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ، وَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ شَيْئًا، قَالَ: " مَا هُوَ؟ " قُلْتُ: حَيْسٌ، قَالَ: " هَاتِيهِ "، فَجِئْتُ بِهِ، فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ: " قَدْ كُنْتُ أَصْبَحْتُ صَائِمًا "].

وفي رواية للنسائي:

[فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: دَخَلْتَ عَلَيَّ وَأَنْتَ صَائِمٌ، ثُمَّ أَكَلْتَ حَيْسًا! قَالَ: " نَعَمْ يَا عَائِشَةُ، إِنَّمَا مَنْزِلَةُ مَنْ صَامَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، أَوْ غَيْرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ، أَوْ فِي التَّطَوُّعِ، بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَخْرَجَ صَدَقَةَ مَالِهِ فَجَادَ مِنْهَا بِمَا شَاءَ فَأَمْضَاهُ، وَبَخِلَ مِنْهَا بِمَا بَقِيَ فَأَمْسَكَهُ].

فرواية: " كنت قد أصبحت صائما "، و رواية " فلقد أصبحت صائما " تدل على أن معنى " فإني إذا صائم " أي مستمر على النية التي أنشأتها من الليل، فيبقى حديث حفصة على عمومه.

فقال لهم أهل القول الأول: ولكن " إذاً " من حروف الاستقبال، فظاهره أنه صلى الله عليه وسلم أنشأ النية من حين سؤاله، وكونه أصبح صائما في يوم، لا يعني أنه يصبح صائما في كل يوم، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ويفطر، وهذه منها، ويشهد لكونه كان مفطرا أنه طلب الطعام، فلو أصبح وقد نوى الصيام من الليل لما طلب الطعام حرصا على الطاعة، وهو أخشانا وأتقانا لله عزوجل.

القول الثالث:

قال الأحناف: صوم رمضان يصح بنية مطلقة من بعد غروب الشمس إلى منتصف النهار، وصوم النفل كأصحاب القول الأول، وقول الأحناف هذا يرده حديث حفصة السابق، فإنه يدل على تعيين النية.

وانظر " البيان " للعمراني ج 3 ص 492.ط "المنهاج".

القول الرابع:

ذهب عطاء ومجاهد وزفر إلى أن صوم رمضان في حق المقيم جائز بدون نية.

وهذا القول ضعيف يرده عموم النصوص الدالة على اشتراط النية في العبادات، ويرده النص الخاص في اشتراط تبييت النية قبل الفجر كما في حديث حفصة – رضي الله عنها -.

وأقوى الأقوال – كما هو ظاهر – القول الأول، والقول الثاني.

والراجح – والعلم عند الله تعالى – هو القول الأول.

والله الموفق.

يتبع ....

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير