وقال الصنعاني في " السبل "، كتاب الصوم: [والحديث وما في معناه يدل على تحريم صومه , وإليه ذهب الشافعي، و اختلف الصحابة في ذلك: منهم من قال بجواز صومه، ومنهم من منع منه وعده عصيانا لأبي قاسم - صلى الله عليه وسلم - و الأدلة مع المحرمين].انتهى من " السبل ".
وقال: ابن القيم رحمه الله تعالى في الزاد ج2/ 46: [قلت: المنقول عن علي وعمر وعمار وحذيفة وابن مسعود المنع من صيام آخر يوم من شعبان تطوعا، وهو الذي قال فيه عمار: " من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم "].
4 - " أن في ذلك حماية لحدود الشريعة، فإن النهي عن الصوم قبل رمضان بيوم أو بيومين لئلا يتجرأ أحد فيقول: سأصوم احتياطا، فإن هذا من تعدي الحدود، كيف تحتاط في أمر حدده الله عز وجل حيث قال: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}." قاله الشيخ ابن عثيمين في " شرح كتاب الصيام من بلوغ المرام".
وفي "الفتح" قال الحافظ – بعد أن ضعّف أقوالا في حكمة النهي -: [ .... وَالْحِكْمَةُ فِيهِ التَّقَوِّي بِالْفِطْرِ لِرَمَضَان لِيَدْخُلَ فِيهِ بِقُوَّة وَنَشَاط، وَهَذَا فِيهِ نَظَرَ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَهُ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَرْبَعَة جَاز، ...... ، وَقِيلَ الْحِكْمَة فِيهِ خَشْيَة اِخْتِلَاط النَّفْل بِالْفَرْضِ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ لَهُ عَادَةٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَقِيلَ لِأَنَّ الْحُكْمَ عُلِّقَ بِالرُّؤْيَةِ فَمَنْ تَقَدَّمَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَقَدْ حَاوَلَ الطَّعْنَ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ].انتهى من " الفتح ".
5 - أن في تحريم صوم يوم الشك دفع مظنة الزيادة في الشريعة وتبديلها، ثم تضاعف أيام الصيام، وصيرورتها مع الليالي والإمام من الفروض الواجبة.
وفي " تفسير القرطبي ": [قال الشعبي: لو صمت السنة كلها لأفطرت يوم الشك، وذلك أن النصارى فرض عليهم صوم شهر رمضان كما فرض علينا، فحولوه إلى الفصل الشمسي، لأنه قد كان يوافق القيظ فعدوا ثلاثين يوما، ثم جاء بعدهم قرن فأخذوا بالوثيقة لأنفسهم، فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما!، ثم لم يزل الآخر يستن بسنة من كان قبله حتى صاروا إلى خمسين يوما!، فذلك قوله تعالى: " كما كتب على الذين من قبلكم ".
6 - أن صومه من باب التنطع في الدين، ومن باب التكلف، وهذا منهي عنه في شريعة النبي – صلى الله عليه وسلم - قال - صلى الله عليه وسلم -: ((هلك المتنطعون)) و هذا من باب التنطع في العبادة والاحتياط بها في غير محله.، وفي الأثر المرفوع حكما: [نُهينا عن التكلف].
قال الشيخ البسام في " توضيح الأحكام ": [ولعل من الحكمة كراهة التنطع في الدين، وتجاوز الحدود التي فرضها الله تعالى].
القول الثاني:
يجب صومه احتياطا.
وهذا هو مذهب متأخري الحنابلة، واختاره من الحنابلة القاضي والخرقي وغيرهما، ونُسب هذا إلى الإمام أحمد , قال في الإنصاف: [وهو المذهب عند الأصحاب ..... "وقال أيضا": ونصوص أحمد تدل عليه وهو من المفردات].
لكنه لم يثبت عن الإمام أحمد , قال صاحب الفروع (ابن مفلح): (كذا قالوا , ولم أجد عن أحمد أنه صرح بالوجوب، ولا أمر به، فلا تتوجه إضافته إليه)، و قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما إيجاب صومه فلا أصل في كلام أحمد، ولا كلام أحد من أصحابه)." مجموع الفتاوى ".
واستدلوا بما يلي:-
1 - حديث ابن عمر الذي في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا, فإذا غم عليكم فاقدروا له)،
وفسروا "اقدروا له" بالتضييق على شعبان , أي: فاجعلوه تسعا وعشرين، و هذا مردود , فإن هذه العبارة مجملة، وقد جاء ما يفسرها في حديث أبي هريرة و ابن عباس في الصحيحين , قال عليه الصلاة والسلام: [فإذا غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين]؛ فهذا تفسير لتلك الرواية.
¥