فالسؤال يا فضيلة الشيخ: هل أحد من السلف أفتى بدفع المال بدلاً من الطعام؟
وهل لو أن أحداً دفع زكاة الفطر مالاً؛ لأن الفقير يريد ذلك يكون أفضل؟
الإجابة
أجاب عليه فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذه المسألة إحدى المسائل الخلافية، وأئمة السلف مختلفون في دفع القيمة في زكاة الفطر.
وترجيح هذا أو ذاك محل اجتهاد فلا يضلل المخالف أو يبدع.
والأصل في الاختلاف في مثل هذه المسألة أنه لا يفسد المودة بين المتنازعين ولا يوغر في صدورهم، فكل منهما محسن ولا تثريب على من انتهى إلى ما سمع.
وقد كان كثير من الأئمة يقولون في حديثهم عن المسائل الخلافية:
" قولنا صواب يحتمل الخطأ، وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب ".
وقد ذهب أكثر الأئمة إلى أنه لا يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر.
قال الإمام أحمد:" أخاف ألا يجزئه، خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، وهذا مذهب مالك والشافعي.
وقال الإمام ابن حزم - رحمه الله -: " لا تجزئ قيمة أصلاً؛ لأن ذلك غير ما فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
و ذهب عطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والثوري وأبو حنيفة وغيرهم إلى جواز دفع القيمة عن الطعام.
قال أبو إسحاق السبيعي - وهو أحد أئمة التابعين -:" أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام "، رواه ابن أبي شيبة في المصنف.
والحجة لذلك:
1 - أنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة نص في تحريم دفع القيمة.
2 - الأحاديث الواردة في النص على أصناف معينة من الطعام لا تفيد تحريم ما عداها، بدليل أن الصحابة - رضي الله عنهم - أجازوا إخراج القمح - وهو غير منصوص عليه - عن الشعير والتمر ونحو ذلك من الأصناف الواردة في الأحاديث الصحيحة.
3 - ذهب كثير من الصحابة بل أكثرهم في عهد معاوية إلى جواز إخراج نصف صاع من سمراء الشام بدلاً من صاع من تمر، فهذا دليل على أنهم يرون نصف الصاع معادلاً في القيمة للصاع من التمر أو الشعير ونحو ذلك.
4 - أن المقصود من الزكاة: إغناء الفقراء والمال أنفع لبعضهم من الطعام فيعد في ذلك حال الفقير في كل بلد.
5 - كثير من الفقراء يأخذ الطعام ويبيعه في يومه أو غده بأقل من ثمنه، فلا هو الذي انتفع بالطعام ولا هو الذي أخذ قيمة هذا الصاع بثمن المثل، والله أعلم.
ولمزيد فائدة ينظر: هنا ( http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=7819) وهنا ( http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=6546) وهنا ( http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=7799)
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[11 - 10 - 07, 04:55 ص]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فلا شك -أحبتي- أن المسألة خلافية من قديم، ولا شك أن المبالغة في النكير على من أجاز إخراج القيمة ليس بمستساغ، لا سيما أنه قد قال بذلك جمع من السلف رحمهم الله تعالى ولهذا القول أدلته وحُجَجُه.
أما قول الجمهور في المنع من إخراجها قيمةً فهو الأرجح في نظري لعدة دلائل:
أولها: أنَّ مَن دفع القيمة لم يُعطِ ما فرض رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وقد قال الإمام أحمد: (أخشى أن لا تجزئه، خلاف سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -).
ثانيها: أنه لا يُمكِن أن يُضبَط ذلك ضبطاً صالحاً، فبأي صنفٍ من الأقوات سنقيّم الزكاة؟!.
ثالثها: أن العبادات مبنية على التوقيف، وأن إعمال العقل كثيراً في استنباط علةِ النص مع عدم وجود ما يقويها سوى الرأي المحض مزلة قدم، وقد يؤدي إلى إبطال النص. ونقول مثل هذا في مسألة اشتراط المَحرَم في سفر المرأة.
رابعها: أن تنوع الأموال الزكوية يغني عن مثل هذا، فهناك زكاة للأوراق المالية وللذهب والفضة وللعروض التجارية تغنينا عن التصرف في ذلك، وتسد حاجة الفقراء والمساكين. والله تعالى أعلم.