تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى إِبَاحَةِ اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ لِمَا فِيهِ مِنْ شَحْذِ الْخَوَاطِرِ وَتَذْكِيَةِ الأَْفْهَامِ وَلأَِنَّ الأَْصْل الإِْبَاحَةُ وَلَمْ يَرِدْ بِتَحْرِيمِهِ نَصٌّ وَلاَ هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ قَوْلَهُمْ بِالإِْبَاحَةِ بِأَلاَّ يَلْعَبَهُ مَعَ الأَْوْبَاشِ فِي الطَّرِيقِ بَل مَعَ نَظَائِرِهِ فِي الْخَلْوَةِ بِلاَ إِدْمَانٍ وَتَرْكِ مُهِمٍّ وَلَهْوٍ عَنْ عِبَادَةٍ.

وَيُخَالِفُ الشِّطْرَنْجُ النَّرْدَ فِي أَمْرَيْنِ:

الأَْوَّل: أَنَّ الْمُعَوِّل فِي النَّرْدِ مَا يُخْرِجُهُ اللُّعْبَانُ فَهُوَ يَعْتَمِدُ عَلَى الْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ الْمُؤَدِّي إِلَى غَايَةٍ مِنَ السَّفَاهَةِ وَالْحُمْقِ فَأَشْبَهَ الأَْزْلاَمَ.

وَالْمُعَوَّل فِي الشِّطْرَنْجِ عَلَى الْحِسَابِ الدَّقِيقِ وَالْفِكْرِ الصَّحِيحِ وَعَلَى الْحِذْقِ وَالتَّدْبِيرِ فَأَشْبَهَ الْمُسَابَقَةَ بِالسِّهَامِ.

الثَّانِي: أَنَّ فِي الشِّطْرَنْجِ تَدْبِيرَ الْحَرْبِ فَأَشْبَهَ اللَّعِبَ بِالْحِرَابِ وَالرَّمْيَ بِالنُّشَّابِ وَالْمُسَابَقَةَ بِالْخَيْل. وَنُقِل الْقَوْل بِالإِْبَاحَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِهِ هِشَامٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَعَطَاءٍ (1).

شَهَادَةُ اللاَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ

6 - مَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ لَمْ تُقْبَل شَهَادَتُهُ سَوَاءٌ لَعِبَ بِهِ قِمَارًا أَوْ غَيْرَ قِمَارٍ.

قَال مَالِكٌ: مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ فَلاَ أَرَى شَهَادَتَهُ طَائِلَةً، لأَِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَال: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَل} (2) وَهَذَا لَيْسَ مِنَ الْحَقِّ فَيَكُونُ مِنَ الضَّلاَل (3).

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَنْ بَاشَرَ لَعِبَهَا وَلَوْ مَرَّةً لاَ تُقْبَل شَهَادَتُهُ. وَأَمَّا لاَعِبُ الشِّطْرَنْجِ فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى رَدِّ شَهَادَتِهِ فِي الأَْحْوَال الَّتِي يَحْرُمُ لَعِبُهَا إِجْمَاعًا، وَذَلِكَ لِلإِْجْمَاعِ عَلَى فِسْقِهِ فِيهَا. وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَلِلْفُقَهَاءِ أَقْوَالٌ بِحَسَبِ أَقْوَالِهِمْ فِي إِبَاحَةِ الشِّطْرَنْجِ أَوْ تَحْرِيمِهِ. فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ شَهَادَةَ لاَعِبِ الشِّطْرَنْجِ لاَ تَسْقُطُ إِلاَّ عِنْدَ الإِْدْمَانِ عَلَيْهَا لأَِنَّ الْمُدْمِنَ لاَ يَخْلُو مِنَ الأَْيْمَانِ الْحَانِثَةِ وَالاِشْتِغَال عَنِ الْعِبَادَةِ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تُرَدُّ شَهَادَةُ لاَعِبِ الشِّطْرَنْجِ إِلاَّ إِذَا اقْتَرَنَ بِقِمَارٍ أَوْ فُحْشٍ أَوْ إِخْرَاجِ صَلاَةٍ عَنْ وَقْتِهَا عَمْدًا وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ الْمُقَارِنِ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ قَبُول شَهَادَةِ لاَعِبِ الشِّطْرَنْجِ مُطْلَقًا لِتَحْرِيمِهِ وَإِنْ عَرِيَ عَنِ الْقِمَارِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ عِنْدَهُمْ بِأَنْ يَكُونَ لاَعِبُهُ غَيْرَ مُقَلِّدٍ فِي إِبَاحَتِهِ فَإِنْ قَلَّدَ مَنْ يَرَى حِلَّهُ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى رَدِّ شَهَادَةِ لاَعِبِ الشِّطْرَنْجِ بِوَاحِدٍ مِمَّا يَلِي: إِذَا كَانَ عَنْ قِمَارٍ أَوْ فَوَّتَ الصَّلاَةَ بِسَبَبِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْحَلِفِ عَلَيْهِ أَوِ اللَّعِبِ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ ذَكَرَ عَلَيْهِ فِسْقًا.

وَإِنَّمَا لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا لِشُبْهَةِ الاِخْتِلاَفِ فِي إِبَاحَتِهِ (1)


(1) حاشية ابن عابدين 4/ 383، وكفاية الطالب 2/ 401، وحاشية الدسوقي 4/ 167، وروضة الطالبين 11/ 225، وكشاف القناع 6/ 423.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير